يستدعي تراجع قدرة الشركات العقارية والمطورين في الأسواق الخليجية في الوصول إلى منافذ تمويل جديدة من مؤسسات الإقراض، مراقبة مستويات السيولة فيها وتحديداً في السوقين الإماراتية والقطرية، مع مراجعة الحكومات في هذه الدول مشاريع البنية التحتية والأخرى الحيوية. إذ رأت شركة «المزايا القابضة» في تقرير أسبوعي أن ذلك «أحدث فجوة بين التدفقات النقدية للشركات والتزاماتها التمويلية». ولفت التقرير إلى أن فجوات التمويل وشح السيولة المفاجئ «ربما يكون له أثر أكبر على النمو الاقتصادي من خلال إحداث هزات غير مرغوبة في اقتصادات البلدين، ما يعيد إلى الأذهان المستويات المسجلة قبل الأزمة المالية والعقارية في هذه الدول». وفي وقت استأنفت المصارف نشاط الإقراض وخفض مستويات الفائدة والأرباح، تحتاج الفجوة الآخذة في الاتساع إلى ردم الفارق بين التدفقات النقدية للشركات، الهادفة إلى تمويل النفقات الجارية وحاجاتها التمويلية الرأسمالية، وبالتالي سيساعد كشف الحكومات عن مواعيد طرح المشاريع أو إعادة طرحها الشركات في التخطيط الأمثل وتوقع التكاليف في شكل أفضل. وأعطى التقرير مثالاً عن الأسواق العقارية والشركات العاملة في قطر، «الراغبة في سماع مزيد من الإيضاحات حول مواعيد بدء الحكومة القطرية منح عقود المشاريع الضخمة المعلنة سابقاً، في إطار خطتها التنموية والمعمارية الكفيلة بالتجهيز لاستضافة نهائيات بطولة كأس العالم لكرة القدم بعد نحو 10 سنوات من الآن»، في ضوء تأجيل طرح مشاريع مرتبطة بهذا الملف المهم إلى العام المقبل». ويهدف هذا التأجيل إلى «المراجعة وإعادة الدرس، إذ تتجاوز الكلفة 125 بليون دولار في قطاعات الإنشاءات والطاقة وحدها، بالتالي يمكن تفهم أهميتها للاقتصاد القطري وبقية المنطقة». ولاحظ التقرير تدفقاً للسيولة في الشهور ال 12 الماضية نتيجة تفاعلات «الربيع العربي»، ما أعاد إحياء مشاريع معطلة من جانب المطورين بفعل التحسن الآني في مستويات السيولة والطلب». لكن التراجع الطارئ للتدفقات الجديدة للسيولة «أعاد الأنظار إلى ترقب السيولة المحلية المتوجهة في معظمها إلى السيولة الحكومية والمشاريع الكبرى الممولة حكومياً، بالتالي أدى الانتعاش إلى تهيئة الظروف المناسبة لعودة المصارف إلى الإقراض العقاري، مدفوعة بالأرباح المناسبة التي حققتها، وتخلصها من أعباء المديونيات السيئة التي شلّت قدرتها على الإقراض، وحدّت منها خلال السنوات الأربع الماضية». ونقلت الشركة عن تقرير ل «بنك قطر الوطني»، أن القطاع المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي «سجل معدلات نمو سريعة في النصف الأول من هذه السنة». ولفت إلى أن «أصول أكبر 50 مصرفاً في المنطقة نمت بنسبة 7.7 في المئة وبلغت 1.28 تريليون دولار. كما ارتفعت أرباح أكبر 50 مصرفاً في المنطقة بنسبة 5.4 في المئة، مقارنة بالنصف الأول من عام 2011 ، لتصل إلى 12 بليون دولار. وحقق 76 في المئة من هذه المصارف نمواً في الأرباح بلغ متوسطه 13 في المئة». وفي الإمارات، أفادت بيانات المصرف المركزي بأن القيمة الإجمالية لقروض الأفراد المخصصة للعقارات، «وصلت إلى 109 بلايين درهم (نحو 30 بليون دولار)، فيما ارتفعت محفظة القروض العقارية إلى 243 بليون درهم، حاز الأفراد المواطنون على 27.5 في المئة منها حتى نهاية العام الماضي». وأوردت أن «الحصة الإجمالية للقروض العقارية التي استفاد منها الأفراد المواطنون وغير المواطنين، بلغت 45.1 في المئة من الإجمالي». ورأت أوساط مصرفية في الإمارات، أن «تساوي أسعار الأقساط الشهرية للتمويل وأسعار الإيجارات لبعض الوحدات دفع بزبائن كثر، إلى تملك الوحدات السكنية بدلاً من استئجارها خصوصاً في ظل بوادر ارتفاع أسعار الوحدات وعودة الحركة إلى السوق العقارية». ولفتوا إلى أن التمويل العقاري «نما بنسبة 30 في المئة في النصف الأول من هذه السنة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، ما دفع المصارف إلى التسابق في عروض مجزية للزبائن، سواء على صعيد الفائدة أو منح تسهيلات في الدفع، في محاولة لاقتناص فرصة الارتفاع المرتقب في أسعار الوحدات العقارية، على مستوى المناطق المفضلة للمستثمرين في إمارات الدولة». وفي قطر، أوردت بيانات رسمية لجهاز الإحصاء، أن الإيجارات السكنية «انخفضت بنسبة 3.3 في المئة في آب (أغسطس) الماضي مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، على رغم ارتفاعها بنسبة 0.1 في المئة مقارنة بتموز (يوليو) الماضي»، في وقت بدأ عرض عقارات سكنية، ما وفّر وحدات سكنية وأحدث توازناً نسبياً ولو موقتاً، في ظل انتظار الموجة الجديدة من المشاريع المعلنة للتجهيز لاستضافة كأس العالم 2022. ووسط ذلك، أشار تقرير «المزايا إلى «تراجع طفيف في إيجارات المساكن في أبوظبي بفعل تدفق عقارات جديدة خصوصاً مع دخول نحو 2900 وحدة سكنية جديدة إلى السوق في الربع الثاني من السنة، ليصل عدد الوحدات إلى 1998 ألفاً».