بعدما وصلت أسعار العقارات والوحدات السكنية في دول الخليج إلى أدنى مستويات وانخفضت الإيجارات الخاصة بالوحدات السكنية والتجارية، تبدو خيارات الشراء قوية في العام الجديد، خصوصاً مع بروز أسعار شراء مناسبة ورغبة الشركات العقارية في التخلص من الوحدات السكنية المكدسة عندها منذ سنتين في غياب أي طلب فاعل. ولفتت شركة «المزايا القابضة» الإماراتية إلى أن الشركات العقارية، خصوصاً في الدول التي عانت من تراجع كبير في الطلب، مثل الإمارات، توسعت في تنفيذ سياسات تسويق تساعدها في التخلص من العقارات الجامدة، مشيرة إلى من بين هذه السياسات ما يُسمى «الإيجار المنتهي بالتملك»، المطبقة بالتعاون مع مصارف إسلامية، بالإضافة إلى تبدل في الإستراتيجية نحو الإيجار بدلاً من البيع. وأشارت الشركة في تقريرها الأسبوعي إلى أن الانخفاض الكبير في أسعار العقارات خلال السنتين الماضيتين، «دفع شركات عقارية إلى تحويل جزء من محافظها العقارية إلى التأجير للاستفادة من السيولة والعائدات التأجيرية ولإيجاد تدفقات نقدية تساعد في إنجاز المشاريع القائمة أو المعلقة». وأكدت أن نجاح برامج التقسيط أو التأجير لأغراض التملك «تحتاج إلى مشاركة فاعلة من المصارف والمؤسسات التمويلية التي لا تزال تتشدد في منح القروض أو التسهيلات، في حين تضع المصارف والمؤسسات التي استمرت في منح الائتمان شروطاً لا تخدم السوق العقارية، خصوصاً الشروط المتعلقة بأسعار الخدمة أو الفائدة وبالأرباح العالية أو نسبة التمويل المتاحة التي تتراوح ما بين 50 و80 في المئة من قيمة العقارات المراد تمويلها». وأكدت «المزايا» أن حكومات المنطقة تسعى إلى تنشيط الطلب على الاستثمار العقاري، بهدف التطوير أو البيع والشراء، لذلك تسن تشريعات وتقدّم تسهيلات وإعفاءات. وأشاد التقرير بعدد من المبادرات، مثل برنامج «تيسير» الذي أطلقته دائرة الأراضي والأملاك في دبي، بهدف حفز التمويل العقاري، وتشجيع المصارف على العودة إلى ممارسة دورها المهم في تمويل عمليات بيع العقارات وتلبية الطلب المتجدد في السوق، معتبراً أن البرنامج يُعد الأول من نوعه في المنطقة، كما يتميز بتأمين ضمانات كفيلة تشجع مؤسسات التمويل على شراء الوحدات العقارية في مشاريع التملك الحر في دبي. وبحسب بيانات المؤسسة التابعة للدائرة، دخلت نحو 29 ألف وحدة سكنية السوق العقارية في دبي عام 2008، ونحو 31 ألف وحدة عام 2009، ونحو 40 ألف وحدة عام 2010، ما يبرر تراجع الإيجارات بنحو 40 في المئة منذ بداية الأزمة صيف 2008. وبيّن تقرير «المزايا» أن الظروف الجديدة في أسواق المنطقة وتحول السيطرة من «سوق الباعة» إلى «سوق المشترين»، ساهمت في إحداث حركة تداولات ظهرت في شكل أوضح في قطاع العقارات المتاحة للتأجير، إذ رضخ المالكون على ما يبدو إلى مطالب المستأجرين حول مستويات الإيجارات والتسهيلات المقدمة من صيانة ومرافق. وكان تقرير لشركة «كوشمان أند وايكفيلد - الشرق الأوسط»، أشار إلى أن مالكي العقارات أصبحوا أكثر مرونة في الإيجارات، فيما تتراجع الشركات المهتمة بشراء المساحات المكتبية أو استئجارها إزاء الأسعار المبالغ فيها. ولفتت «المزايا» إلى بيانات لغرفة تجارة وصناعة دبي، أظهرت أن الإمارات تتصدر دول المنطقة في مشاريع العقارات والأبنية لجهة حجم الإنفاق التراكمي (626 بليون دولار)، أي ما يزيد عن ثلاثة أضعاف عن إنفاق السوق السعودية (231 بليون دولار) التي حلت في المرتبة الثانية، فيما احتلت الكويت المرتبة الثالثة (170.2 بليون دولار)، تلتها قطر (56 بليون دولار)، فالبحرين (37 بليون دولار)، فعُمان (27.5 بليون دولار)، ليصل إجمالي الإنفاق في هذه الدول مجتمعة إلى 1.2 تريليون دولار، للإمارات نصفها. واعتبرت «المزايا» أن القطاع المصرفي في المنطقة يبدو أكثر تماسكاً اليوم، «إذ أخذ القطاع المصرفي المحلي في استعادة عافيته في شكل تدريجي، بعد مرور أكثر من سنتين على عمليات إعادة هيكلة الأوضاع المالية والإدارية والتشغيلية وتدخلات حكومية متواصلة ومتوالية لتعزيز الثقة في القطاع المصرفي بعد تراجع مَحافظ الإقراض في المصارف الخليجية، خصوصاً في الإمارات، في شكل لافت خلال السنتين الماضيتين». ووفقاً لبيانات رسمية صادرة عن المصرف المركزي الإماراتي، ازدادت محفظة القروض بنسبة 2.4 في المئة عام 2009، إلى 1.018 تريليون درهم (277 بليون دولار) نهاية كانون الأول (ديسمبر) 2009، كما تراجع نمو القروض إلى 1.96 في المئة عام 2010، لتصل محفظة القروض إلى 1.038 تريليون درهم نهاية تشرين الأول (أكتوبر) 2010، وهي نسبة نمو أقل بكثير مما كانت عليه قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية. ولاحظت أن المصارف اتجهت إلى أدوات الدخل الثابت كوسيلة للحصول على العائدات ذات الأخطار المنخفضة، إذ شهدت السوق الإقليمية سلسلة من إصدارات السندات والصكوك مدعومة بطلب عالمي قوي. وقدر مصرف «إتش أس بي سي» أن إصدارات السندات في المنطقة بلغت 30 بليون دولار عام 2010، في حين يُتوقع ألاّ تقل الإصدارات المتوقعة هذه السنة في منطقة الشرق الأوسط عن 30 بليون دولار، مع تسارع الخطى في مشاريع البنية التحتية، وسعي الجهات المصدرة للسندات إلى اجتذاب سيولة عالمية.