لمهنة التعليم أثر كبير في نفوس السيدات لما لها من ميزات، فهو مربي أجيال، ساعات عمله محددة ولا يتأخر إلا ما ندر، ووضعه المادي جيد في غالب الأحيان، لتشكل هذه المميزات وغيرها حلماً جميلاً لمن ترغب في الزواج ولتتغاضى عن متاعب المهنة التي لا بد منها. وبالنسبة لمشاعل بدر فالزواج من مدرس لم يكن من ضمن اهتماماتها وأنها حين تزوجت أعجبت بأخلاقه وشكله وعلاقته الطيبة بشقيقها الطالب في المدرسة نفسها ولأنها سألته عن تعامله معهم كطلاب فقال إنهم يحترمونه، لكن الحصص لا تخلو من المزاح أو التحدث ببساطة من دون وجود حاجز بينه وبينهم، وبالفعل حدث الزواج منذ 11 عاماً من زوجها مدرس اللغة الإنكليزية في إحدى المدارس الحكومية في الرياض. وعن رأيها بمهنة زوجها بعد سنوات من الزواج تقول إنها في البداية كانت تجد صعوبة في الاستيقاظ في وقت باكر لإعداد الفطور له وتوديعه فبل أن يخرج من المنزل تحديداً وأنه غالباً ما يستيقظ في وقت باكر جداً، لكنها تجبره على أخذ ساعات إضافية من النوم أيام الإجازات وعند السفر، وتضيف بأن ميزة العمل كمدرس هي الانتظام فأوقات عمله معروفة ونادراً ما يتأخر في العمل إلا لسبب اضطراري أو مناوبة. وعادة ما يتلقى زوجها اتصالات من أولياء الأمور للاطمئنان على الوضع الدراسي لأبنائهم تحديداً الصغار، أو للاستفسار في حال حدوث مشكلة في المدرسة أو ظهور بعض التغيرات على الطالب. فيما تقول «عبير بدر» المتزوجة منذ عامين من مدرس لغة عربية إن من بين الأمور التي تزعجها في عمل زوجها هو وقت الفراغ الكبير لديه ما يضطرها للبقاء معه طوال الوقت، لأنه يعود باكراً من العمل ليتناول الغداء ثم يذهب للنوم لما بعد صلاة المغرب، ليقوم بعدها بالخروج للديوانية ليجتمع بأصحابه أو زملائه من المدرسين، فعمله كمدرس للصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية لا يتطلب منه الكثير من التحضير أو التصحيح، أما بقية تفاصيل حياتها فهي ممتعة لكنها تتمنى لو كانت ساعات عمله أكثر أو إن كان له عمل إضافي أو أنشطة طلابية، أما أفضل ما في كونها زوجة مدرس فهي القدرة على أخذ إجازة موعدها محدد مسبقاً ولمدة كافية دون الحاجة إلى القيام بتنسيق أو تبديل مع أي من الزملاء لأنها إجازة للجميع، مع أنها حالياً إجازة مقسمة لأن جزءاً منها يكون لشهر رمضان الذي نقضيه بين الأهل وبالتالي فوقت الإجازة الذي يمكن أن نسافر فيه هو شهر فقط كما أن المعلمين غير مشمولين بالتأمين الطبي ما يؤثر علينا بشكل كبير. أما «وفاء محمد» المتزوجة منذ 20 سنة من مدرس مادة الرياضيات للمرحلة الثانوية، فتقول إنها كانت تتمنى الزواج من مدرس لأن أوقات عمله محددة ومنظمة، ودوامه روتيني لكن مهنة التعليم حالياً اختلفت عن السابق فالمدرس ينشغل بتحضير الدروس، وشراء وإعداد الوسائل التعليمية للطلاب، وغالباً ما نؤجل خروجنا من المنزل إلى أن ينتهي من عمله أو نؤجلها ليوم آخر، لأننا عادة ما نخرج بعد صلاة المغرب أو العشاء وليس قبل ذلك، لأنه إذا انشغل بالتحضير للدروس يسرقه الوقت ولا ينتهي من العمل إلا متأخراً، وبالنسبة لي فإني سعيدة بأوقات عمل زوجي وتأقلمت معها لأني اعتدت ترتيب يومي بناء عليها ولا تحدث تغيرات إلا أحياناً بسبب المناوبات. وبسؤالها عن الصعوبة في مجال عمل زوجها ردت بأن التحضير حالياً يعتمد على الكومبيوتر بشكل أساسي أكثر من الورقة والقلم رغم وجودهما الذي لا غنى عنه. وتتفق «أريج عبدالرحمن» في رأيها مع وفاء، وتضيف بأن المعلم يمثل أهم حلقة في بناء المجتمع فهو يؤدي أشرف رسالة رغم ما فيها من معاناة ومشقة، فلا فائدة من تطوير المناهج وتحسين البيئة الصفيَّة دون الاهتمام بالمعلم وتوفير متطلباته النفسية والاجتماعية والمهنية التي ستنعكس عليه وعلى أسرته، وبالتأكيد فإن الإحباطات المتوالية للمعلمين والتي اعترتهم من كل جهة تؤثر عليهم، ومن بين المشكلات حركة النقل، التأمين الصحي، بدل السكن، الأندية الصحية الرياضية وكان قرار إيقاف مكافأة نهاية الخدمة قراراً مخيباً لآمال المعلم، فهناك روتين ممل جداً لبرنامج المعلم اليومي فلا يوجد برامج تدريبية ولا تطوير للمهارات وصقلها إما بإكمال الدراسات العليا أو الدورات الخارجية في الخليج والعالم.