دق خبير في أمن المعلومات ناقوس الخطر في وجه معظم الوزارات والهيئات الحكومية والشركات الكبرى في السعودية، واصفاً مستوى الحماية الأمنية لديها ب«المتخلف والبدائي». وقال المهندس المتخصص في أمن المعلومات أحمد آل شاعبة ل«الحياة»، إن معظم القطاعات «لا تزال تعيش وضعاً بدائياً في ما يتعلق بأمن المعلومات لديها»، لافتاً إلى أن البنى التحتية لتقنية المعلومات - وبالتالي أمنها - لا تزال في بدايتها، كما هو الحال مع هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات التي أنشأت منذ نحو ستة أشهر فقط قسماً جديداً لأمن المعلومات، وكما هو الحال أيضاً مع وزارة التربية والتعليم التي مضى على اهتمامهم بقسم أمن المعومات نحو سنة ونصف السنة فقط. وأشار إلى أن هذا الضعف في الاهتمام له أسباب عدة، أبرزها عدم الوعي بكون المعلومات أحد أهم أصول المؤسسة التي يمكن أن تتحول إلى مال، وهذا ما يشرح - بحسب آل شاعبة - جزءاً من أسباب حوادث القرصنة التي تعرضت لها مؤسسات كبرى مثل أرامكو وراس غاز في قطر. وأكد أن مستوى الحماية الأمنية للمعلومات في كثير من الجهات الحكومية الحساسة والشركات الكبرى ضعيف، «إلى درجة لا نتمكن معها للأسف أن نعطيهم تقويماً، لأن تجربتها لم تكمل أكثر من عامين في حالات كثيرة، ولم تصل إلى مرحلة النضج حتى نعطي آراء وتقويماً عن وضعهم في مجال أمن المعلومات». وحكى آل شاعبة واقعاً مريراً لأمن المعلومات في جهات حكومية حساسة أخرى «ليس لديها أقسام مستقلة لأمن المعلومات، بل تندرج تحت أقسام تقنية المعلومات، وتقتصر جهودها في أمن المعلومات على نشر الوعي والإجراءات الأولية مثل كلمة المرور وتحديث الأجهزة، لكنها لا تملك إدارة أمن معلومات مستقلة». ودعا الخبير في أمن المعلومات إلى إنشاء هيئة لأمن المعلومات في السعودية لإدارة الأزمات من هذا النوع، لافتاً إلى أن الوقت حان «لأن توضع إدارة مستقلة في كل وزارة وكل مؤسسة وكل قطاع، لأن ذلك يضمن استمرارية عمل المنشأة وعدم فقدان الأصول، ومن بينها المعلومات». وعن الأخطار المحتملة لواقع أمن المعومات في السعودية، قال آل شاعبة: «من الواضح أن القراصنة يستهدفون القطاع النفطي من غاز وبتروكيماويات، ولكن من الممكن أن يتغير الهدف مستقبلاً، ليصبح قطاع الاتصالات أو القطاع الأمني، أو أي قطاع آخر، لأهداف مختلفة قد يكون بينها أهداف سياسية، وهو ما يمكن أن يكلف الدولة ملايين الملايين إذا لم تسارع بإنشاء هيئة لأمن المعلمات، لأنها قد تشل حركة البلد بشكل شبه كامل، خصوصاً مع توجه البلد نحو الحكومة الإلكترونية ومجتمع المعلومات، مضيفاً بأن هذه المحن يمكن أن تكون منحاً يستفاد منها لتوعية الإنسان وصناع القرار». وبحسب آل شاعبة، فإن من بين التكاليف التي يمكن أن تجنيها المؤسسات جراء إهمالها في أمن المعلومات كما حدث في أرامكو «جانب السمعة في الأسواق العالمية ومستوى الانتاج». وعلى أن أرامكو لم تعلن تأثر إنتاجها بالأزمة الأخيرة، إلا أن إعلان أرامكو قيامها بإجراء احترازي بعزل شبكة الإنتاج عن الإنترنت دليل - بحسب آل شاعبة - على أن الإنتاج يمكن أن يكون متأثراً. واعتبر تصرف أرامكو خطأ كبير وقعت فيه الشركة في هذا الجانب، إذ إن عزل الإنتاج يجب أن يكون قد تم قبل أية مشكلة وقبل أي تعرض لفايروس، حتى لا يوجد أي احتمال بتأثر الإنتاج بالقرصنة وهذا أمر غريب وخطأ فادح. وحمل مسؤولية التقصير في أمن المعلومات إلى الإدارة العليا التي يفترض أن تكون خططها الاستراتجية، أن تضمن استمرارية العمل والإنتاج وعدم تأثره بأي عامل خارجي، إضافة إلى أن من مسؤولياتها التعرف على مكامن الخلل والضعف في المنشأة التي تسأل عن إدارتها، فضلاً عن أن بعض هذه الإدارات تنظر إلى الاهتمام بأمن المعلومات على أنه مصاريف مكلفة يمكن توفيرها، في حين أن خسائر المنشأة ستكون أضعافاً مضاعفة لقيمة المصاريف لو حدث مشكلة على خلفية الضعف في أمن المعلومات.