رحل الأمير نايف بن عبدالعزيز بعد أن جعل من المملكة صمام أمان لإمدادات النفط للاقتصادات الدولية، من خلال تأسيس مفهوم جديد للأمن الصناعي يتسم بالانضباطية في إدارة العمليات والإنتاج للمنشآت الضخمة. وعزّز -رحمه الله- ثقة الدول المستهلكة فيما يتعلق بأمن الإمدادات، ما أدى إلى ترسيخ علاقة المملكة التجارية مع عملائها، وفق منظومة عمل أمنية وتقنية وتسويقية متكاملة. ورأى الخبراء الذين تحدثوا ل«الشرق» أن المملكة لعبت، كأكبر مصدر للنفط في العالم، دوراً حاسماً في استقرار أسواق النفط، كونها تنتهج سياسة نفطية متوازنة تهدف إلى استقرار الأسواق النفطية وتعزيز مصالح المنتجين والمستهلكين ودعم حركة النمو في الاقتصاد العالمي. قدروا احتياطي النفط في المملكة الذي يمكن استخراجه بواسطة التقنيات المتوفرة حالياً بحوالى 1.2 تريليون برميل مثبتة، بينما يبقى 11.8 تريليون برميل تشكّل تحديّاً حقيقياً أمام العلماء والمهندسين والمختصين في الوصول إليها واستخراجها لتلبية احتياجات العالم الملحّة والمتزايدة للهيدروكربونيات مستقبلاً، وبذلك يكون لدى السعودية أكبر احتياطي من الزيت في العالم، كما أنها تعدّ أكبر دولة مصدرة للزيت في العالم. وقال الخبراء إن المملكة بموثوقية واعتمادية كبيرة في الطاقة على مستوى العالم ولم تتأثر بالاهتزازات الأمنية التي سيطرت على مناطق كبيرة من العالم، ليصبح المنهج الأمني السعودي أنموذجاً يُحتذى به على مستوى العالم، بفضل جهود الأمير نايف بن عبدالعزيز، الذي بنى جهازاً أمنياً يعمل بشكل مؤسسي، وأسس منظومة أمنية قادرة على التجدد والمواكبة، ورسم استراتيجيات طويلة الأمد لتحقيق الأمن في المملكة. صمود في زمن الاهتزازات وأكد وكيل جامعة الملك فهد للعلاقات الصناعية، الدكتور فالح السليمان، أن المملكة استطاعت أن تثبت للعالم أجمع أنها محل ثقة في المحافظة على أكبر مصدر من مصادر الطاقة في العالم، بالرغم من الاهتزازات والعواصف التي حلّت بمناطق كثيرة من العالم، خرجت منها المملكة بكل سلاسة وهدوء. وقال إن المنهج الأمني السعودي يعدّ أنموذجاً يُحتذى به على مستوى العالم، ويعود الفضل إلى جهود الأمير نايف بن عبدالعزيز الذي بنى جهازاً أمنياً يعمل بشكل مؤسسي ولا يرتبط بشخص، كما أسس منظومة أمنية قادرة على التجدد والمواكبة، كما أن الأمير نايف رسم استراتيجيات طويلة الأمد لتحقيق الأمن في المملكة، وكانت وزارة الداخلية بجميع قطاعاتها أحد أنجح القطاعات في العمل الإداري، ليس فقط على مستوى المملكة ولكن على مستوى المنطقة، وأكد أن هذا النهج كان مصدر ثقة العالم في القدرات الأمنية. وأضاف أن الأمير نايف أعطى لجهاز الأمن السعودي قدرة على العمل المؤسسي القادر على مواكبة المتغيرات العالمية والمنطلق من خطط استراتيجية وبرامج ونظم متكاملة، موضحاً أن هناك عملاً أمنياً كبيراً في القطاع الصناعي، خصوصاً في قطاع النفط والبتروكيماويات، وسخرت الحكومة السعودية ممثلة بوزارة الداخلية إمكانات كبيرة لحماية منشآتها النفطية والصناعية، كما أن هذه المنشآت تحت حماية أمن صناعي متطور. معايير السلامة والحماية ولفت السليمان إلى أن اهتمام الأمير نايف بأمن القطاعات النفطية والصناعية لم يشمل فقط حمايتها من الاعتداءات، بل حرص أن تعمل المنشآت الحيوية وفقاً لأقصى معايير السلامة والحماية من الحوادث، إدراكاً منه أن الأمن ليس فقط هو الحماية من الاعتداءات، ولكن أيضاً من الحوادث التي قد تتسبب فيها عوامل داخلية، التي تكون نتائجها أحياناً كارثية أكثر من الاعتداءات، وتعدّ إجراءات الأمن والسلامة في المنشآت جزءاً مهماً من الأمن الكامل. وقال إن الشركات السعودية تهتم كثيراً بالسلامة استجابة لتوجيهات الأمير نايف الذي كان يرأس لجنة الأمن الصناعي، مشيراً إلى أن شركتيْ أرامكو وسابك على سبيل المثال تعدّانِ من أفضل الشركات في العالم في السلامة، وسجلهما ناصع جداً من الحوادث الكارثية. وأكد أن الاستقرار الأمني في المملكة أوجد جواً محفزاً للاستثمارات البترولية، إذ إن الأمن أحد أهم محركات الاستثمار المالي والصناعي وأحد أبرز العوامل في اجتذاب الاستثمار الأجنبي والانفتاح على العالم والتعاون في جميع المجالات، مشيراً إلى أن المملكة تملك أنموذجاً عالمياً في الأمن الصناعي بناه نايف بن عبدالعزيز منذ استلامه لملف الأمن قبل أكثر من ثلاثين عاماً، وهناك اهتمام كبير بأمن جميع مكونات المنشآت النفطية والصناعية. برامج سلامة متطورة وأوضح السليمان أن إجراءات السلامة جزء من المنظومة الأمنية المتكاملة، وتبدأ الشركات العمل عليها منذ مراحل التخطيط والتصميم وتستمر بعد العمل، ويُشترط في بناء المنشآت أن تكون مطابقة لأعلى معايير الأمن والسلامة ومقاومة للظروف البيئية والكوارث الطبيعية. وأضاف أن المنظومة الأمنية التي أسسها الأمير نايف لم تركز فقط على منع الاعتداءات ضد المنشآت الصناعية، ولكنها اهتمّت كثيراً بالسلامة ضد الحوادث والكوارث الطبيعية التي تكون عواقبها كارثية، مفيداً أن كارثة تشرنوبيل مثلاً لم تكن بسبب اعتداءات أو أعمال تخريبية ولكن كانت لأسباب داخلية. وأكد أن أمن الطاقة يستلزم وجود حماية ضد العابثين ووجود برامج سلامة متطورة لضمان استمرارية عمل القطاعات، وهو ما نجحت فيه المملكة بامتياز بجهود جهازها الأمني الذي كان يترأسه ولي العهد. مواجهة الاختراقات والقرصنة وبيّن أن المنشآت الصناعية في المملكة عموماً والمنشآت النفطية والبتروكيماوية خصوصاً حظيت باهتمام كبير من فكر الأمير نايف بن عبدالعزيز الذي كان رئيساً للجنة الأمن الصناعي التي تهتم بأمن المنشآت الصناعية، لافتاً إلى أن أمن المعلومات مكون آخر لمنظومة الأمن، وأن المملكة ممثلة في وزارة الداخلية بذلت جهوداً كبيرة في بناء قدرة أمنية معلوماتية متطورة تستطيع حماية قطاعات الأعمال من الاختراقات والقرصنة بما لديها من آليات وقدرات عالية المستوى، كما سنّت تشريعات حمائية توفر أكبر قدر من الأمن المعلوماتي. وأضاف السليمان أن العالم كما شهد للأمير نايف بتميز رؤيته الفريدة في مجال مكافحة الإرهاب وتميزه في خدمة ضيوف الرحمن، شهد له أيضاً بتكوين أنموذج فريد للأمن الصناعي جعل منشآت المملكة النفطية وقدراتها الصناعية آمنة من الاعتداءات الآثمة ومن الحوادث الناتجة عن التقصير والإهمال، باعتبار أن الأمن والسلامة منظومة واحدة لا يمكن الفصل بينهما. إدارة الملف الأمني من جهته، أكد الخبير في السياسات النفطية الدكتور راشد أبانمي، أن الأمير نايف بن عبدالعزيز عزّز طيلة توليه منصب وزير الداخلية الشعور بالاطمئنان واستتباب الأمن في المملكة، نظراً لما عُرف عنه من حزم وحكمة في إدارة الملف الأمني على مدى 35 عاماً تخللتها أزمات وقلاقل تم التعامل معها بحنكة ودهاء وحزم، وهو ما انعكس على سلامة الإمدادات البترولية الدولية وعزّز التعاون الدولي بين البلدان المنتجة والمستهلكة في توازن العرض والطلب الفعلي على النفط. وقال إن جميع ما قدّمه ولي العهد -رحمه الله- في سبيل سلامة الأمن الصناعي والمرافق النفطية الحيوية في المملكة أعطى دول العالم ثقة أكبر في سوق النفط العالمية، وإعادة الأسعار إلى وضعها الطبيعي لمصلحة المنتجين والمستهلكين في سبيل دعم التعايش السلمي والسلام العالمي وديمومة نمو الاقتصاد العالمي الذي يتجسد في الاهتمام باستقرار السوق النفطي الدولي. تأمين استقرار الأسواق وأضاف أبانمي، أنه من البديهي أن السعودية وهي تملك أكبر احتياطي في العالم أو ربع الاحتياطي العالمي المؤكد، المقدر ب261 مليار برميل، وتملك ثالث أكبر احتياطي غاز في الشرق الأوسط يُقدر ب231 تريليون متر مكعب، وأكبر مصدر للنفط، أكدت أنها تتبنى استراتيجية طويلة المدى ترتكز على التزامها بضمان استقرار الأسواق النفطية، وتعمل مع الجميع من أجل تأمين استقرار الأسواق النفطية وبأسعار معقولة لا تضر الاقتصاد العالمي، وتكون مجزية للمنتج والمستهلك على السواء. وأشار إلى أن الأمير نايف كان له دور كبير في رسم السياسات الأمنية وقيادة الملف الأمني في المملكة، وكان من أولوياته الحرص على سلامة المرافق الحيوية ذات الأهمية القصوى للاقتصاد المحلي والاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أن وجوده على رأس الجهاز الأمني أعطى العالم ثقة في أمن مصادر الطاقة. وقال إن أكبر شاهد على ثقة العالم بالأمن السعودي وقيادته أن أسواق العالم لم تتأثر مطلقاً بالمحاولة الآثمة للاعتداء على مصفاة بقيق، التي تعالج 70% من الإنتاج السعودي، كون العالم كان واثقاً من قدرة الأمن السعودي على استيعاب الأمر والسيطرة عليه. وأضاف أن أهم ما يميز جهاز الأمن في المملكة أن لديه إجراءات استباقية لاستشعار الحوادث ومنع حدوثها، وهو ما أعطى الاقتصاد العالمي ثقة كبيرة ولم تتسبب المحاولات اليائسة الفاشلة في أي صدمات اقتصادية أو تقلبات في الأسعار ناتجة عن اهتزاز الثقة. صمام أمان الطاقة بدوره، أفاد الرئيس السابق للتنقيب في شركة أرامكو سداد الحسيني، أن الأمير نايف عزّز أمن الطاقة في العالم من خلال وجوده على رأس الجهاز الأمني، مؤكداً أن الأمن والموثوقية أحد محركات الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أن الأمير نايف كان صمام أمان الطاقة في العالم من خلال رسم السياسات الأمنية في المملكة وتصديه للمحاولات العابثة بأمن المنشآت النفطية والصناعية. وأوضح أن موثوقية الإمدادات النفطية وأمن الطاقة في العالم كان من ركائز السياسة النفطية التي تتطلب أن تكون مرافق الإنتاج في مأمن كبير، موضحاً أنه نجح في تحقيق ذلك وفي ترسيخ صورة المملكة كمصدر آمن للطاقة لجميع دول العالم، وبالتالي يكون إسهامها كبيراً في عمليات التنمية والنمو الاقتصادي والصناعي في مختلف دول العالم. مراقبة إلكترونية لحماية المنشآت النفطية
معمل الغاز في عمليات الخفجي المشتركة حيث يعمل وفق منظومة أمنية صارمة