إذا كان السودان كارثة أخلاقية بالنسبة للأمم المتحدة، كما ذكر رئيس جماعة الطوارئ لدارفور «جاكي مامو» لصحيفة «لوموند» الفرنسية، إذاً فماذا نقول لإسرائيل التي تخترق كل يوم «حقوق الإنسان»؟ وتذل الإنسان الفلسطيني بهتك عرضه وقتل رجاله ونسائه وشبابه وأطفاله، الصورة أصبحت راسخة في أذهان كل الناس، وهم يرون ماذا يدور في الساحة منذ عام 1948 وحتى الآن؟ فماذا نقول لهم، ووصفهم الأممالمتحدة بأنها أم الكوارث، لأنها ترى كل ما يدور في الساحة السياسية الدولية والمحلية، وتقف مكتوفة الأيدي ولا تفعل شيئاً. العالم يرى ما يجري في سورية ولبنان وأفغانستان والعراق وغيرها، وما يجري بها من قتل وهتك أعراض واغتصاب وعذاب الإنسان لأخيه الإنسان على مرأى من أعين «حقوق الإنسان»، فهل أنصفت حقوق الإنسان الشعب السوري وأعطته حقوقه الإنسانية وأوقفت ما يجري هناك؟! أم تتبجح، ولا تفعل شيئاً للدول المستضعفة والمغتصبة حقوقها، وتنظر إليها بعين وتغلق الأخرى، ولكنها لا تسأل الدول الغربية عما تفعله في الشعوب، كما فعلت من قبل أميركا في «العراق»، حينما قامت بغزوه بكذبة أسلحة الدمار الشامل التي افتعلتها، وجعلته يعاني حتى الآن من جراء ذلك الغزو، لم تقم للعراق قائمة في المستقبل القريب أو البعيد، لكي لا تكون هنالك قوة إقليمية أو عالمية أقوى منها. أقول هل منكم من رأى حقوق الإنسان وهي تعمل من أجل الإنسان وحقوقه بكل صدقية! وتقوم بحل المشكلات العالقة في تلك الدول، والحروب الدائرة فيها؟!... فإن وجد أحدكم حقوق الإنسان وهي تعمل من أجل الإنسان فليخبرني أين تقبع؟ وهل هي تنصف كل الدول التي تعاني وتُئن من جراء تلك التعديات الواضحة للعيان من حقوق الإنسان؟ فأين هي حقوق الإنسان، وأين مكانها الحقيقي لكي أذهب إليهم وأعلمهم ما يدور في سورية وأفغانستان وفلسطين وغيرها التي تهدر فيها كل حقوق الإنسان والإنسانية، ونرى كل ذلك عبر التلفاز ولا يهز شعرة من تلك الحقوق المهدورة، والظاهر أن المدعية «حقوق الإنسان» لا ترى بالعين المجردة ولا بأي عين، ألم ينظر أو تنظر حقوق الإنسان في الدول الأخرى التي تعاني سلب حقوقها الإنسانية، فمن حقها أن تذهب وترى ماذا يفعل الأسد بالشعب السوري؟! وماذا يفعل أمثاله الآخرون في إسرائيل بالشعب الفلسطيني، ومن ثم يرجع إلى السودان، بدلاً من تشبيهه بأنه أصبح كارثة أخلاقية للأمم المتحدة. كان من الأفضل للمدعو «مامو» أن يشير إلى أقرب دولة تنتهك فيها الآن حقوق الإنسان بشكل فظيع جداً وهي سورية، إذ يقتلون الأطفال ويشوهونهم ويقتلون الشباب، ويغتصبون النساء والفتيات، فهل هنالك كارثة أخلاقية أكبر أو أكثر مما نراه أمام أعيننا في سورية؟ إن ما يجري في سورية هو أكبر كارثة للأمم المتحدة، فماذا هي فاعلة تجاه ذلك؟! إذاً ليس عمر البشير هو الرئيس الوحيد الذي لا يزال في منصبه، فهنالك آخرون على سدة الحكم أيضاً، وأولهم «بشار الأسد» الذي يرتكب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسان والإنسانية، وإبادة لشعبه، ألا نرى ذلك ونُغض البصر تجاهه؟! أم ألا ترى تلك المدعية زوراً وبهتاناً بحقوق الإنسان ألا إنسانية تلكم الجرائم التي ترتكب أمام أعينها. وبقدر ما عرفنا عن حقوق الإنسان، فهي، مع الأسف الشديد، لم تنصف أي دولة مظلومة، أو استطاعت أن توقف تلك الجرائم والقتل الدائر في تلك الدول من أجل الإنسان، أو باسم حقوق الإنسان، أو من أجل إنصاف حقوقه المهدورة ظلماً وبهتاناً! أستغرب من تلك المدعية بأنها تناهض من أجل الإنسان وحقوقه في التشفي دائماً وأبداً بالسودان، وفي رئيسه بأنه تسبب في موت 300 ألف مواطن في دارفور، في حين أن إسرائيل تسببت في موت ملايين الفلسطينيين منذ عام 1948 وحتى الآن... فأيهما أولى بالإنصاف؟ وأين هي حقوق الإنسان التي تدعي ذلك، أو تطالب بتلك الحقوق؟! لماذا تقف مكتوفة الأيدي أمام إسرائيل؟ ولماذا لم توقف أميركا عند حدها عندما شنت حربها ضد العراق واحتلته بتلك الكذبة والفضيحة التي يعرفها العالم أجمع، بأن لديه أسلحة دمار شامل، أو عندما أرسلت تلك الوفود للتفتيش ولم تجد شيئاً، وعلى رغم ذلك غزت العراق، وأبادت الشعب العراقي، وقتلت الملايين من أفراده ومن خيرة شبابه، وظلت حقوق الإنسان «صامتة»، ولم تقل ل«جورج بوش» أنت انتهكت حقوق الإنسان في العراق، وتسببت بقتل الملايين من العراقيين، فيجب أن تُحاكم في محكمة الجنايات الدولية، ويجب على المحكمة، أو المدعو «أوكامبو» أن يدينه بجرائم الحرب التي ارتكبها في العراق، والعالم كله يدرك ذلك والمحكمة الجنائية تدرك كل ما دار من تلك الأفعال الشنيعة التي فعلتها أميركا في الشعب العراقي من قتل واغتصاب، وكذلك في أفغانستان وباكستان وسورية، ألم ترَ حقوق الإنسان الأطفال اللاجئين ينتظرون العبور إلى تركيا عبر منفذ باب السلام وهم مستلقون على الأرض، أم لم ترَ أيضاً آخر جثامين ضحايا الأسد في مجزرة «داريا»، أفبعد هذا يتحدث «جاكي مون» أو أمثاله عن حقوق الإنسان. لذا نقول لهم أحلال عليكم وحرام علينا أن نفعل مثلما فعلتم، أم ماذا يا تُرى؟! ومن يقول: «البغلة» في «الأبريق»، أم كل إناء بما فيه ينضحُ، أم ماذا أفيدونا... وعلى من نقترح أن تُفرض العقوبات؟! [email protected]