انتقد الكاتب السعودي محمد العثيم المشتغلين بالهم المسرحي من مسرحيين وجمعية ومؤسسات ثقافية «كونها أسهمت في تهميش المسرح، وكانت استراتجياتهم التخطيطية خالية من وصفة مطورة لصناعة الفنون في السعودية، بخاصة المسرح والدراما والسينما»، معتبراً أن المثقف النخبوي أول من دق مسماراً في نعش المسرح السعودي، بسبب مسحه قيمة وصورة المسرح من ذهنه، وانكفائه على شيء من القصيد والقصة، متجاهلاً أن المسرح في كل دول العالم هو رأس حرية الثقافة. وقال العثيم في ندوة «تجارب الكتّاب» ضمن فعاليات سوق عكاظ التي أدارها فهد ردة أمس: «إن المسرح في المملكة أصبح موضوعاً جدلياً بقضاياه الحالية بين النخبوي المتفوق الصنعة والتجريب، إذ إنه مسرح يصنع للمناسبات، وليس للجمهور، ويعرض في المهرجانات المحلية والعربية والأجنبية بسعوديين تقنيين ومتعلمين ومحترفين في فنون التأليف». وأضاف: «يُعاب على المسرح غيابه عن الجمهور المحلي، وأصبح مدرجاً في العمل الثقافي النخبوي، وهذا ما جعل منه جدلياً وتناقضياً وعاجزاً عن الاستمرارية مع الجمهور المحلي الراغب في المتابعة بشكل منظم». ونوّه العثيم إلى أن المسرح وعناصره في كل الدول العربية وليس المملكة فحسب، «يُعاني من سطوة دراما التلفزيون المربحة التي خطفت عناصره المميزة بالإغراء المادي». ووصف بدايات المسرح السعودي بالصعبة حتى بلوغه المشروعية، على أساس أنه مؤسسة مجتمع مدني، منوّهاً إلى أن عمر المسرح الذي يتجاوز نصف قرن مليء بالجهد والتناقضات. من جهته، قال المسرحي المغربي عبدالكريم برشيد: «إن ما يُعانيه المسرح العربي حالياً عدم الوقوف على نقطة ارتكاز محددة وصلبة، كما أنه لا نظرية فلسفية تشكل خلفيته، ولا أسئلة أيضاً وجودية كبرى، بل هو مسرح حكايات وأمثولات لا إطار فلسفياً لها، ولا يُثير أسئلة كبرى، وهذا ما جعله قريباً من قشور الواقع». وأضاف أن ما يميز المسرح: «أنه ليس مجرد فرجة بل هو احتفال للالتقاء بالآخرين وممارسة الغريزة الاجتماعية كأفراد وسط طقس وجداني نادر، وليس مجرد كائنات آلية، تتفرج على آلة أخرى». وأكّد أن كل من يُحاول اغتيال المسرح «سيجد نفسه في مواجهة الحياة، وسيدرك أنه لا وجود لأية حياة اصطناعية خارج هذه الحياة الحقيقية، إن من يُخاصم المسرح لا بُدّ أن يجد نفسه يُخاصم العقل والمنطق».