أفاد تقرير أميركي نُشر أمس، بأن أي هجوم تشنّه الولاياتالمتحدة على إيران قد يهزّ نظامها ويقلّص قدرته على شنّ هجمات مضادة، ولكنه رجّح أن تتمكن طهران من الردّ، ما قد يهدد بإشعال حرب شاملة في الشرق الأوسط. وأعدّ التقرير أو أيّده، أكثر من 30 ديبلوماسياً سابقاً وأميرالات وجنرالات متقاعدين وخبراء في الأمن القومي، أعلنوا أن هدفهم الرئيس يتمثل في تأمين وضوح في شأن احتمال استخدام القوة ضد إيران. لكنهم لم يتوصّلوا إلى أي خلاصة، ولم يعرضوا توصيات. وبين معدّي التقرير ومؤيديه، برنت سكوكروفت الذي كان مستشار الأمن القومي خلال عهد الرئيس جورج بوش الأب، وريتشارد أرميتاج النائب السابق لوزير الخارجية، وعضوا مجلس الشيوخ السابقان سام نان وتشاك هاغل وقائدان متقاعدان للقيادة الأميركية الوسطى هما الجنرال أنطوني زيني والأميرال وليام فالون، إضافة إلى الجنرال المتقاعد فرانك كيرني، وهو نائب مدير سابق في المركز الوطني لمكافحة الإرهاب ونائب سابق لقائد قيادة العمليات الخاصة الأميركية. كما ساند التقرير الجنرال المتقاعد غريغوري نيوبولد الذي كان قائداً سابقاً للعمليات في رئاسة الأركان المشتركة. وقال توماس بيكرينغ، وهو مندوب أميركي سابق لدى الأممالمتحدة وأجرى اتصالات غير رسمية مع مسؤولين إيرانيين في الشهور الماضية: «هدف التقرير إيجاد ما نسمّيه تأثير إعلام وشيء من تأثير مهدّئ». وأشار التقرير إلى أن غارات أميركية على إيران، قد تدمّر أهم منشآتها النووية وتضرّ بقواتها العسكرية، ولكنها ستؤخر، ولن توقف، «سعيها إلى صنع قنبلة ذرية». وقال كيرني: «لا يمكنك أن تقتل قوة الفكر. واضح أن ثمة بعض القدرة التدميرية (الأميركية)، والتي ستسبّب بعض التأخير (لصنع قنبلة)، ولكن ماذا يحدث بعد ذلك؟». ولفت التقرير إلى أن هجوماً أميركياً واسعاً قد يؤخر لأربع سنوات، قدرة إيران على صنع سلاح نووي، وقد يعطّل سيطرة حكومتها ويستنزف خزينتها ويفاقم توتراتها الداخلية. ولكن التقرير نبّه إلى أن أي هجوم «لن يؤدي إلى تغيير النظام (الإيراني)، أو انهياره أو استسلامه»، معتبراً أن ضربة مشابهة ستزيد حافز طهران لصنع قنبلة ذرية، إذ سيرى قادتها في ذلك وسيلة لمنع هجمات أميركية مستقبلاً «وتبديد ذلّ الهجوم». ورجّح التقرير أن أي ضربة عسكرية أكثر طموحاً، هدفها إطاحة النظام في إيران أو تقويض نفوذها في الشرق الأوسط، تتطلّب من الولاياتالمتحدة احتلال جزء من البلاد أو كلها، مضيفاً: «نظراً إلى الحجم الضخم لإيران والعدد الكبير لسكانها، وقوة القومية الإيرانية، نقدّر أن احتلالها سيتطلّب موارد وأفراداً أكثر مما أمّنته الولاياتالمتحدة خلال السنوات العشر الماضية في حربي العراق وأفغانستان». في غضون ذلك، تنفّذ الولاياتالمتحدة وأكثر من 30 دولة حليفة الأسبوع المقبل، أضخم مناورات بحرية في الشرق الأوسط، تركّز على كيفية مواجهة تهديد الألغام. وشدد قادة في البحرية الأميركية على أن المناورات لا تستهدف بلداً محدداً، وليست رداً على تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز الحيوي لنقل النفط. لكن سكوت تروفر، وهو محلل بحري مقيم في واشنطن، يعتبر أن التدريبات «رسالة» ضمنية إلى طهران، مفادها: «هذا ما نستطيع أن نفعله، لذلك لا تجرّبينا». العقوبات إلى ذلك، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن العقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران خفّضت صادرات الأخيرة من النفط الخام إلى نحو مليون برميل يومياً، من 2.4 مليون برميل يومياً تقريباً العام الماضي. وقال ديفيد كوهين وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية إن هذا الانخفاض في الصادرات يكلّف إيران نحو 5 بلايين دولار شهرياً، لافتاً إلى أن ذلك «يرغم الحكومة الإيرانية على خفض موازنتها، بسبب نقص الإيرادات». وأضاف: «هدفنا ليس التأثير في نمو ناتجهم المحلي الإجمالي، بل في حساباتهم السياسية». وحضّ عضوا مجلس الشيوخ الأميركي مارك كيرك وروبرت منينديز إدارة الرئيس باراك أوباما على الضغط على دول لخفض وارداتها من النفط الإيراني، قبل منحها إعفاءات من عقوبات أميركية على التعاملات التجارية مع طهران. وفي رسالة إلى وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، رأى كيرك ومنينديز وجوب أن تضمن الإدارة الأميركية خفض الدول المستهلكة للنفط، وارداتها من إيران بنحو 18 في المئة، قبل أن تمنحها واشنطن مجدداً إعفاءً لمدة 180 يوماً من العقوبات. ومنحت إدارة أوباما إعفاءات لكل المشترين الأساسيين لنفط إيران، لأنهم خفّضوا مشترياتهم «في شكل كبير»، وهذا تعبير أثار تفسيرات كثيرة. ومن المقرر أن تجدّد الولاياتالمتحدة هذا الشهر، الإعفاءات الممنوحة لليابان وعشر من دول الاتحاد الأوروبي. في غضون ذلك، أوردت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن مصارف أوروبية تعهدت وقف تعاملها مع إيران، واصلت إجراء تعاملات ببلايين الدولارات مع مؤسسات وشركات إيرانية وأخرى أجنبية تجري عمليات في طهران. وأضافت أن مصرف «دويتشه بنك» الألماني أجرى تعاملات بقيمة 2.8 بليون دولار مع إيران العام الماضي، مشيرة إلى أن مصارف أخرى ما زالت تتعامل مع طهران، بينها «بي أن بي باريبا» و «بنكو سانتاندر» الإسباني و»أي أن جي غروب أن في» الهولندي و «أتش أس بي سي» البريطاني.