كشف مصدر فرنسي بارز ل «الحياة»، أن دول الاتحاد الأوروبي اتفقت على وقف شراء نفط ايراني، في مدة اقصاها اول يوليو (يوليو) المقبل. وأشار الى أن الدول ال27 في الاتحاد ستُقرّ غداً هذا التدبير الذي أبلغته باريس الى شركة «توتال» النفطية الفرنسية الخميس الماضي. وقال إن الدول الأوروبية ستبدأ تدريجياً وفوراً، خفض الكميات التي تشتريها من النفط الايراني، حتى تصل الى وقف تام بحلول مطلع تموز. ولفت المصدر الى أن اليونان لم تكن راضية عن هذا التدبير، اذ إنها مرتبطة مع ايران بعقد طويل الأمد، ولكن بكمية قليلة، تبلغ نحو مئة الف برميل يومياً، ويمكن استثناءها أسابيع حتى تعويض هذه الكميات. اما سائر الدول المستوردة للنفط الإيراني، فوافقت على التدبير، وابلغت الشركات النفطية في بلادها بالقرار السياسي في هذا الشأن. وقال المصدر إن الاتحاد سيتخذ غداً قرارات أولية في شأن تجميد العمليات المصرفية مع المصرف المركزي الايراني، لكنه أوضح أن من غير الممكن الآن التوصل الى الهدف النهائي الذي يريده الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وهو اتخاذ تدبير شديد وكامل، كما فعلت الولاياتالمتحدة التي أوقفت تماماً أي تعامل مع المصرف المركزي الايراني. ولهذا التدبير، اذا اتُّخذ لاحقاً، تأثير ضخم في الاقتصاد الايراني. واضاف المصدر الفرنسي أن دول الاتحاد بدأت العمل على تفاصيل التدابير المتصلة بالمصرف المركزي الايراني، وستتخذ قرارات أولية غداً. ولفت الى أن الولاياتالمتحدةوفرنسا طلبتا من اليابان وكوريا الجنوبية خفض مشترياتهما من النفط الايراني، ثم وقفها، إذ إن الدولتين تشتريان كميات نفطية تساوي تلك الأوروبية. وردت سيول وطوكيو بأنهما ستنفذان ذلك إذا أوقف الاتحاد الأوروبي مشترياته من النفط الايراني. ساركوزي يخشى ضربة إسرائيلية وكشف المصدر الفرنسي ان رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي، التقى أبرز المسؤولين الفرنسيين، قبل زيارته إسرائيل حيث أبلغ مسؤوليها أن تشديد العقوبات على ايران سيكون صارماً، وأن أحداً لا يحبذ هجوماً تشنّه تل أبيب على طهران. وفرنسا مقتنعة بأن في ذهن القيادة الاسرائيلية، بعد تشكيل حكومة جديدة برئاسة بنيامين نتانياهو مطلع الصيف المقبل، إمكان شنّ هجوم عسكري على المنشآت النووية الايرانية. واشار المصدر الى أن ساركوزي يعتبر ان الصيف المقبل يحمل خطر ضربة إسرائيلية للبرنامج النووي الإيراني الذي يقدّر خبراء فرنسيون انه سيتيح لطهران امتلاك قنبلة ذرية عام 2013. وبما أن المنشأة الجديدة لتخصيب اليورانيوم في فردو قرب مدينة قم محصنة، لا تستطيع إسرائيل سوى تأخير البرنامج النووي، لا تدميره. وترى باريس في ضربة مشابهة كارثة تزعزع استقرار المنطقة، وتؤدي أيضاً الى تعاطف الشعب الايراني والرأي العام في الدول الإسلامية، مع النظام الايراني المكروه شعبياً الآن. كما أن الرئيس الأميركي باراك اوباما الذي اخرج قواته من العراق، ويوشك على إخراجها من افغانستان، لا يريد جبهة جديدة. لكلّ تلك الأسباب، يريد ساركوزي تشديد العقوبات في شكل صارم، لإعادة ايران الى طاولة مفاوضات جدية مع الدول الست المعنية بملفها النووي، قبل فوات الأوان، خصوصاً أن المصدر الفرنسي كشف أن الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش كان طلب من اسرائيل الامتناع عن تدمير موقع الكبر السوري، حيث يُشتبه في بناء مفاعل نووي، اذ كان يخشى رداً سورياً بمساندة من «حزب الله» اللبناني بعد حرب 2006 في لبنان، لكن تل أبيب لم تستجب طلب واشنطن، ودمّرت موقع الكبر، فيما أن دمشق لم تتحرك. ولفت المصدر الى أن باريس تحذر تل أبيب من أن شنّ هجوم على إيران سيعزّز نظامها، داخلياً وخارجياً، فيما أن تشديد العقوبات يضعف اقتصادها، اضافة الى ان حليفتها الاسترتيجية سورية في وضع ضعيف اقتصادياً وسياسياً، كما أن «حزب الله» ضعف الآن، اذ إن عرّابَيْه طهرانودمشق «مريضان». وتؤكد فرنسا لإسرائيل ان الوضع الراهن أفضل للأخيرة، استراتيجياً، من شنّ هجوم عسكري نتائجه غير مضمونة. ويقول المصدر إن تل أبيب تردّ على نصائح باريس، متسائلة عما تطرحه الأخيرة، فتؤكد فرنسا وجوب الإسراع بتشديد العقوبات، لتجنب ضربة عسكرية.