يجلس المنقذ البحري محمد بار (21 عاماً) في برج المراقبة على شاطىء بحر غزة ليتابع مجموعة من الفتيان يسبحون في مياه البحر، مؤكداً أنه يقبل بشغف على مهنته، حتى في أيام القصف الإسرائيلي، رغم أنه لم يتلق راتبه منذ ثلاثة أشهر. ويقول محمد "أنا أحب شيئين في الحياة، الإنقاذ والناس"، مؤكداً إنه يقبل بشغف على مهنته بما في ذلك في أيام النزاع مع إسرائيل، رغم أن الشاطئ يكون مهجوراً. ويوضح الشاب الذي يحمل صفارة ويرتدي قميصاً أبيض عليه شعار البلدية "لدي ذكريات كثيرة مع البحر. أنه حياتي وصديقي وأخي وعائلتي وكل شيء بالنسبة لي". وخلفت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 2143 قتيلاً في الجانب الفلسطيني معظمهم من المدنيين، قبل أن تنتهي الثلثاء بعد دخول إتفاق لوقف إطلاق النار حيز التنفيذ. وأصيب 11 ألف شخص تقريباً بينما شرد نصف مليون غزي وتم تدمير مئات المنازل. وخلال أيام الحرب الدامية، كان محمد المنقذ الوحيد الذي يحضر للتحقق من قدوم أحدهم للسباحة خلال فترات الهدنة. ويحلم محمد بأن يتمكن من إمتلاك بيت في يوم ما، لكن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ عام 2006 والبؤس الإقتصادي الذي يعيشه القطاع، يقف حائلاً أمام ذلك. ويرى المنقذ الذي تحدث لوكالة "فرانس برس" قبل دخول إتفاق التهدئة حيز التنفيذ "البحر هو المكان الوحيد في غزة الذي يستطيع فيه الناس أن يتنفسوا. نحن نقيم في سجن كبير". ولم يتلق الشاب راتبه البسيط، 255 دولاراً، منذ ثلاثة أشهر بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها "حركة حماس". ويوضح "في الظروف العادية، يجب ان يكون هناك سبعة منقذين ولكن بسبب الأوضاع الأمنية، أنا الوحيد هنا على الشاطىء" الآن. ويضيف "الحرب ابتلعت الصيف... والناس خائفة". بدأ أحمد عمله كمنقذ عندما كان في السادسة عشرة من العمر بعدما شهد حادثة غرق جاره في البحر. واذا كان محمد يواجه الموت في البحر، إلا انه يقف عاجزا أمام الموت في زمن الحرب. فقد قتل إثنان من أصدقائه في القصف الإسرائيلي على القطاع، وهو يطلق لحيته منذ ذلك الوقت حزناً على ذكراهما. والى جانب العمل في الإنقاذ، يعطي أحمد دروساً في السباحة ثلاث مرات يومياً، على الشاطئ الهادئ الذي خلا من معظم رواده، ما عدا بعض الهاربين من الضغط النفسي ودمار الأحياء. تحت برج المراقبة، تجلس مجموعة من النساء يشربن الشاي. وتقول عائشة الزهار (21 عاماً) الام لطفلين والمقيمة في حي الشجاعية الذي أتى عليه القصف بشكل شبه كامل "أنا متوترة للغاية... أشعر بالإكتئاب والملل... أحاول الإستمتاع بوقتي قليلاً هنا". وتضيف "تدور أحاديثنا عن خوف الأطفال، وعن متابعتهم الأخبار كل دقيقة، وسؤالهم ان كانت التهدئة ستستمر... أم ان القصف سيعود".