قدّم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، صورة واقعية لما يترقبه الفرنسيون في إطار سعيه إلى إعادة النهوض بالوضع الاقتصادي الفرنسي، معلناً عن زيادات ضريبية بقيمة 20 بليون يورو، تتوزع على المؤسسات الإنتاجية والأفراد. وسعى هولاند الذي تحدث في مقابلة تلفزيونية تابعها حوالى 10 ملايين شخص واستغرقت 25 دقيقة، إلى تبديد الصورة التي تناقلتها عنه وسائل الأعلام أخيراً، بأنه غائب وعديم المبادرة حيال الأزمة الاقتصادية في ظل استطلاعات للرأي تشير إلى تآكل سريع لشعبيته، التي انخفضت إلى 44 في المئة بعد مضي أربعة أشهر على توليه منصبه. وأكد في هذا الإطار، انه منتخب لمدة خمس سنوات وليس لأشهر، وأنه عازم على الإبقاء على التوجه الذي ردده على مدى حملته الانتخابية، وهو «النهوض بالوضع الاقتصادي». وهو حدد لذلك أجندة «لمدة سنتين لتطبيق سياسة مجدية من الإجراءات» لتنشيط سوق العمل التي تشهد بطالة قياسية قاربت نحو 10 في المئة من اليد العاملة. ولفت إلى أن هذه الأجندة تنص أيضاً على «استعادة القدرة التنافسية للمنتجات الفرنسية وإصلاح الموازنة العامة التي تسجل عجزاً ومديونية». وشدد على أنه وحكومته سيبذلان كل ما في وسعهما «لبناء مجتمع اكثر إنسانية»، في إشارة ضمنية إلى سياسة سلفه نيكولا ساركوزي. وفصّل هولاند الخطوات التي ستتخذ في هذا الإطار، مشيراً إلى «تحديد إصلاح سوق العمل وتمويل التقديمات الاجتماعية في الفترة التي تفصل عن نهاية السنة، بحيث تدخل حيز التطبيق بحلول عام 2013». كما سيمضي في خفض العجز في الموازنة بمعدل 3 في المئة سنوياً، معلناً تحمل مسؤولياته أمام الفرنسيين، على أن يعود للحديث اليهم كلما اقتضى الأمر لتوضيح توجهاته. وعن آلية تمويل عملية النهوض بالاقتصاد وتحقيق الإصلاح الذي أشار إليه، لم يكن من مفر أمام هولاند سوى الخروج من الغموض الذي اعتمد حتى الآن على هذا الصعيد، والقول انه في ظل نمو مرتقب قد لا يتجاوز نسبة 0.3 في المئة، تبدو زيادة الضرائب حتمية. وذكر أن هذه الأعباء الضريبية الجديدة ستتوزع على المؤسسات الإنتاجية، بحيث تؤمن عائدات بقيمة 10 بلايين يورو، وعلى الأفراد بحيث يؤمن المبلغ ذاته. وأشار إلى انه ورث هذه الأوضاع الرديئة عن ساركوزي، وليس بوسعه «الإصلاح خلال أربعة أشهر، ما لم يفعله أسلافي على مدى خمس سنوات». وأصرّ هولاند على المضي في تطبيق أحد أبرز وعود حملته الانتخابية، والقاضي بفرض ضريبة نسبتها 75 في المئة على كل من تفوق عائداتهم مليون يورو سنوياً في شكل موقت، ربما لا يتجاوز السنتين، معتبراً أنهما «كافيتان لتحسين الأوضاع». وفي إشارة غير مباشرة إلى رئيس اكبر مجموعة إنتاجية فرنسية، برنار أرنو، الذي يملك مجموعة «أل في أم أش» العملاقة، قال هولاند أن «يكون المرء فرنسياً، يعني أن يتلقى ويعطي لبلاده، هذه هي الوطنية وعلى الجميع الاضطلاع بدوره». وكان أرنو أعلن قبل أيام، أنه في صدد طلب الجنسية البلجيكية ما أثار انتقادات واسعة استهدفته واتهمته بالسعي إلى التهرب من دفع الضرائب. فيما استهدفت انتقادات أخرى توجهات هولاند الاقتصادية التي تحمل الأثرياء وأرباب العمل على السعي إلى الابتعاد عن فرنسا. وعلى رغم إعلان أرنو لاحقاً، الاستمرار في تسديد ضرائبه في فرنسا حتى لو حصل على الجنسية البلجيكية، لا تزال هذه القضية تتفاعل، وتشير استناداً إلى المعارضة اليمينية إلى أن حكام فرنسا اليوم يفتقرون إلى أي رؤية للوضع. كما تدل، وفقاً لليمين المتطرف، على أن البلاد في عهدة «رئيس عاجز وحكومة هواة».