يوجعوني أن أفخت الدف وأفرِّق عشاقه، لكن ضاق خلقي على رغم أنفي وحبي للناس وللوناسة، فسعيد كئيب وأسعد زعلان وسعد غضبان وسعيدة بدلاً من أن تتهنى بسعيد، زنّت وونّت و «قرّفته» عيشته. فمع من سأتسلى؟ وإن بدوت مرحة وفرحة فلن أبدو وقورة محترمة. عليّ أن أعقد حاجبي وأزم شفتاي وأرفع كتفي وأرفع معها درجات الصرامة، من أجل أن تحترموني. لا ليونة بعد اليوم، خشونة، تشنج عصبي وأعصاب مشدودة وصلابة أيضاً. خذوا، واطمئنوا لن نضحك سوياً ولن نقهقه لأي شيء تافه، وأعدكم أصالة عن نفسي أنني لن أعلِّم أحداً منكم أو أولادكم إلى حين أحفادكم كلهم لن أكشف لهم سراً من أسرار المرح والفرح مجتمعين، بل سألقنهم فنون الشكوى والتذمر بكل الوسائل المتاحة للحصول على أعلى شهادات الخصام والعتاب والملامة والفشل والندم والشعور بالذنب. ولو شككتم بشهادتي شككم بكل ما بي وبكم وحولكم، لن أبالي لأنكم ستحترمونني أكثر وستراعون مشاعري، لأنني كئيبة وجدية وعصبية ونفسي «في راس خشمي» وعسى ما تكلفتوا. فنحن مكتئبو العالم الثالث نحب السوداوية وكل ما يتعلق بأحوالها وأشجانها، لنسلم أنفسنا لليأس ونقول ظلمنا، وأحلى الناس عندنا هم الأكثر كآبة، أو ذاك السعيد الذي أحببناه فتعاونا على جعله كئيباً لنحبه أكثر والنية سليمة، ولنعشقه فعليه أن ينظف مخيلته المسكونة بالمحبة ويطهرها بكل المطهرات والمعقمات المتاحة في الأسواق والصيدليات. فالمحبة هي الأخرى قلق، لأنه «كده أو كده» لابد أنه أي المحب حاسد أو غاير أو داخل على طمع أو أنّ في حبه إنّ وأخواتها، والأفضل ألا نحب بعضنا، وما أسهل قطع العلاقات وأواصر الصداقات وطرد السفراء بخروج بلا عودة. ممتاز هذه الحال، لا ضحك ولا فرح ولا كركرة ولا صداقة ولا تواصل ولا لوعة ولا شوق. وهكذا راحة لكل الأطراف ولا إجابة للعديد من التساؤلات والتكهنات. سننسى الزيارات العائلية والودية، سننسى الحياة بكل عطائها وتدفقها وحلاوتها، وسنركز على مرارتها ونترك مشاعرنا نهباً لمن أراد حتى يتسنى لنا نهب مشاعرهم أيضاً، وسنلوك بعضنا بالألسن أو الأسهل سنختبئ كضب في جحر الإنترنت. سنربط أفكارنا بشريط كهربائي إلى الإنترنت، وسنطبع أسماء من نحب ومن نكره على غوغل أو الفيس بوك، وسنضغط على كلمة بحث. سنبحث عن فضائحهم وننسى حسناتهم ومزاياهم وعطاءهم، ولو كنا خبراء سنفبرك قصة عليهم ثم نستعين بمن يعرف كيف ينشر الفضائح بالكلمة والصورة والشعر والنثر للتأكيد على الفوز والنيل منهم وهذا مهم للناجحين لكي يفشلوا أو الأحباب لكي يتفرقوا.يا عيب الشوم علينا، لستم من أعني، أعني فقط نحن مكتئبو العالم الثالث وسكانه الذين نشكل الرأي العام ونؤثر على الإعلاميين والمفكرين والمخططين وصانعي القرار، وكل منا يزن ويئن وونِّوا يا مجاريح معه. لا وكل واحد لا يعجبه العجب، يريد الجامعة مثل هارفارد ولاعبي كرة القدم، مارادونا ثاني، ومدير المستشفى ابن سينا عصره وزوجته شهرزاد ويطالب بذلك ويتدخل في تلك وفي كل موضوع وشاردة وواردة، ويتكلم وكأنه خبير في البيئة والتعليم والعلوم الاقتصادية والسياسية والموارد البشرية والزراعية واللي على بالك، ما هو كلام مكتئبين وحلل وبرمج وخطط بحسب تقلبات مزاجهم. شأنهم شأننا، لا شأنكم، نحن مكتئبو العالم الثالث الذين لا نحب أن ننجح ولا أن ينجح غيرنا، لا نفرح ولا يفرح غيرنا. أما أنتم كلكم فلا تكتئبون ولا تغضبون ولا تبكون ولا تئنون ولا ترون في فستان العروس الأبيض النقطة السوداء، ولا من الورد شوكة، نحن فقط نلاحظ السلبيات نحن المتلفتون المتفرجون على عروستنا وعلى عصافيرنا وعلى ورودنا، ولن نقدم لأحد منكم ابتسامة تأسره بسحرها وجاذبيتها ولا مفاجأة سرية مباغتة ولا دهشة وقدرة على حبس الأنفاس وجر المخيلة إلى مطارح تتجاوز ما هو سائد من السوداوية لنضمن أننا سنزن ونئن... وونو يا مجاريح... يمكن تفرحوا!خلف الزاويةغريب شعورك يا سيديتركت هواي بلا موعدفيوم اعترفتُ محوت اعترافيوحين رحلتُ طلبت يدي[email protected]