قال رئيس الحكومة المغربي عبدالإله بن كيران إن «في بلدان عدة تُقدّم الحكومات استقالتها جراء حادث أقل خطورة» من مقتل 43 شخصاً في حادث سير، في إشارة إلى ضحايا حادثة حافلة نقل الركاب في المغرب يوم الثلثاء. وأعرب عن مواساته لأسر الضحايا الذين غيّبهم الموت جراء انقلاب حافلتهم من علو شاهق في جبال «تيشكة» الوعرة المسالك جنوب شرقي مراكش في جنوب البلاد. وقال بن كيران إن الحكومة تتحمل المسؤولية إلى جانب جميع المعنيين بالوقاية من حوادث الطرق، داعياً إلى تشديد الرقابة وحظر الرشاوى والتزام القانون للحؤول دون تكرار حرب الطرقات التي تهدر سنوياً آلاف الأرواح. ويعتبر المغرب في مقدم الدول التي تعرف تزايداً في حوادث السير على رغم إقرار قوانين متشددة. وأعلن رئيس الحكومة تشكيل فريق عمل لرصد الموقف الذي قال إن حكومته تتابعه عن كثب. ولمّح بن كيران إلى أن حكومته ما زالت في بدايتها، غير أنها ملتزمة طابع الاستمرارية، في إشارة إلى تجاوز مضاعفات الصراعات الحزبية، إذ يُعتقد أن حزب «العدالة والتنمية» عمد إلى إقرار مسافة بينه وبين الحكومة خلال اجتماع قيادته أول من أمس لتلافي تأزيم الوضع الناتج من تداعيات منع تظاهرة شباب الحزب في طنجة شمال البلاد الأسبوع الماضي. إلى ذلك، أقرت الحكومة للمرة الأولى معايير وإجراءات تطاول التعيين في المناصب الرفيعة المستوى مثل مدراء المؤسسات العامة وشبه العامة التي تدخل في صلاحياتها، والمفتشين العامين في الوزارات ورؤساء وعمداء الجامعات. وأفادت وثيقة رسمية بأن التعيين يمتد لفترة أربع سنوات قابلة للتجديد، تضع في الاعتبار متطلبات الإحالة على المعاش، لكنها تتسم بنوع من الشفافية في عرض ترشيحات الأسماء المقترحة عبر بوابة لجان مختصة، إضافة إلى تقديم المترشحين إفادات عما يعتزمون تنفيذه. وتُعتبر هذه المرة الأولى التي يخضع فيها التعيين المخوّل لرئيس الحكومة في المناصب السامية في ضوء تحديد اختصاصاته والإبقاء على سلطة التعيين الملكي في قطاعات استراتيجية، إلى إجراءات تدقيق صارمة في المؤهلات والسير الذاتية للمرشحين، ما يعني استبعاد الولاءات الحزبية التي كانت تتحكم في جانب كبير من التعيينات. بيد أنه لا يُعرف إن كانت الإجراءات ذاتها تُطبق على المسؤولين الحاليين الذين يزاولون مهماتهم. وكان المجلس الدستوري أقر معاودة قراءة مشروع قانون تنظيمي بهذا الشأن في ضوء أزمة ما يعرف ب «دفتر تحملات» الإعلام الرسمي التي ألقت بظلالها على ملف التعيينات. إذ انتقد منتسبون لحزب رئيس الحكومة خرجات إعلامية لمسؤولي القطاع بمبرر أنهم ملزمون احترام القرارات الحكومية. غير أن انفجار المزيد من الفضائح المالية في تدبير مؤسسات عامة يوجد بعض مسؤوليها رهن الاعتقال حالياً مثل المصرف العقاري والسياحي ومكتب المطارات والشركة المغربية للملاحة التجارية، دفع إلى التزام التشدد في اختيار المسؤولين، أقله إقرار قانون تنظيمي بهذا الصدد. على صعيد آخر، وصف القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي فتح الله ولعلو، وهو وزير سابق للمال، حدث «الربيع العربي» بأنه يعكس لحظة تاريخية تميزها «انطلاقة شبابية واعدة، ذات طلب واضح، من أجل القضاء على كل أنواع الاستبداد السياسي وعلى أشكال التحكّم الريعي الاقتصادي». ودعا أمام مؤتمر الأممية الاشتراكية إلى الاحتراس حيال «بروز مخاطر من نوع جديد» تكمن في «الحروب الأهلية والمطاحنات الدينية والمواجهات القبلية وانقسامات الكيانات الوطنية». ونبّه القيادي الاشتراكي إلى مخاطر المجاعة التي تحوم من جديد حول بلدان الساحل الأفريقي. وقال إنه لا يمكن لأفريقيا والمنطقة المتوسطية أن تبقى مجرد موضع منافسة من طرف الآخرين حول مواردها الطبيعية «بل يجب أن نصبح عناصر فاعلة في أي مشروع تنموي مشترك مع أوروبا». وكان منتدى الحوار بين المؤسستين الاشتراعيتين في المغرب وإسبانيا عرض تطورات الوضع في منطقة الشمال الأفريقي والتحديات الأمنية في الساحل جنوب الصحراء وآفاق الشراكة المغربية - الأوروبية. وجاء المنتدى الذي استضافه المغرب بعد تجاوز أزمة عابرة بين البلدين الجارين حول السيادة على صخرة باديس شمال المغرب على ضفة البحر المتوسط، على خلفية لجوء شبان مغاربة إلى الجزيرة غير المأهولة. وأكدت مصادر مغربية وإسبانية أن الحادث كان عارضاً، في إشارة إلى تداعيات أزمة سابقة حول جزيرة ليلى غير المأهولة. وأرجأ البلدان في وقت سابق عقد قمة مغربية - إسبانية إلى وقت لاحق، بسبب انشغالات محلية إسبانية. وشكّلت ملفات الهجرة غير الشرعية وتنامي الإرهاب والجريمة المنظمة قضايا محورية في ملتقى يُعتبر الأول من نوعه منذ تولي الحزب الشعبي الإسباني مقاليد الحكم في شبه الجزيرة الأيبيرية.