غالباً ما كان اليونانيون يتذمرون من تفضيل السيّاح الذهاب إلى الشواطئ التركية في بحر إيجه، خصوصاً أن فارق الأسعار بين البلدين كان يدفع أحياناً حتى السياح اليونانيين إلى الذهاب إلى تركيا لقضاء إجازاتهم وعطلهم السنوية بتكاليف أقلّ. وكانت تركيا، التي تجتذب سنوياً ملايين السياح المسلمين، الأسرع في اجتذاب السياح من مناطق روسيا وأوكرانيا للسياحة في معالمها الدينية المسيحية إذ أتاحت لهم فرصة الدخول منذ فترة، فيما كان السياح الراغبون في زيارة الأماكن الدينية المسيحية في اليونان مضطرين للانتظار أكثر من شهر للحصول على تأشيرة. وأشارت مصادر في الحكومة اليونانية إلى أن نحو أربعة ملايين سائح روسي اختاروا تركيا مقصداً لزياراتهم التي يمزجون فيها السياحة الدينية بالترفيه، في حين قرّرت الحكومة أخيراً إصدار تأشيرة سياحية لمدة محدودة بهدف زيارة الجزر اليونانية في بحر إيجه حصراً، تلبية لمطالب مالكي الفنادق المستمرة منذ أعوام. ولفتت مصادر الخارجية اليونانية إلى أن البرنامج الجديد الذي بدأ تطبيقه في 7 حزيران (يونيو) الماضي أثمر عن زيارة 2224 سائحاً من تركيا زاروا جزر رودوس وساموس وليزفوس وكوس وخيوس، وحصلوا على التأشيرة المذكورة التي تصلح لمدة أسبوعين. وكانت اليونان تقدمت بطلب للمفوضية الأوروبية للسماح لها بمنح هذه التأشيرة، وكان رد المفوضية أن هذا الأمر لا يتعارض مع القوانين والأعراف الأوروبية. ويُلاحظ أن لدى السياح الأتراك اهتماماً بزيارة جزر بحر إيجه، إذ ان فيها عدداً كبيراً من الآثار العثمانية التي تضم مدارس ومكتبات ومدافن ومساجد وأوقافاً متعددة، كما أن جزيرتي رودوس وكوس تحويان أقلية مسلمة من أصول تركية تبلغ نحو ألفي شخص في رودس و1500 في كوس، وكانت الحكومة التركية بادرت بإرسال مدرسي لغة تركية وفنون إلى هاتين الأقليتين خلال السنوات الماضية. وأكدت المصادر اليونانية أن البرنامج اجتذب، إضافة إلى السياح الأتراك، سياحاً كانوا يزورون تركيا لاسيما من الروس والأوكرانيين، ووجدوا الأبواب مفتوحة أمامهم لزيارة الجزر اليونانية، لذلك اغتنموا الفرصة وزاروا تلك الجزر متجنبين بذلك الإجراءات الروتينية للحصول على تأشيرة من السفارة اليونانية في بلادهم. وفي نهاية الشهر الجاري يُنتظر أن تقدم اليونان تقريراً عن نتائج البرنامج للمفوضية الأوروبية وأن تطلب توسيعه جغرافياً وزمنياً. ولم ترق هذه الخطوة للتيار اليميني المتطرف الذي برز أخيراً في اليونان والذي أبدى انزعاجه من «تدفق الأتراك» على الجزر اليونانية، كما كان أبدى انزعاجه من تنفيذ شركات تركية مشاريع استثمارية في جزر ومناطق يونانية، مذكراً بقضايا الخلاف بين البلدين مثل العداء التاريخي والقضية القبرصية وغيرها. وكانت وزارة السياحة أصدرت أخيراً دليلاً للآثار العثمانية في اليونان، مرفقاً بصور حديثة، أظهر الحال التي آلت إليها تلك الآثار والصيانة التي نفذت على بعضها، في خطوة رمزية تهدف إلى المصالحة مع الماضي العثماني في البلاد.