في زمن «الآيباد» والأجهزة الرقيقة الذكية، في الوقت نفسه الذي تشهد فيه أنظمة التعليم في مناطق مختلفة من العالم نهضة «وسائلية وتقنية» في أساليب التعليم، لا يزال طلاب المدارس في السعودية «يعتلون» على ظهورهم «أثقالاً» تتخذ أشكال الحقائب المليئة بالكتب المدرسية. وبينما تؤكد الدراسات الطبية أن الحد الأقصى لوزن الحقيبة المدرسية لا يتجاوز 15 في المئة من وزن الطالب، يحمل فيه الطفل في المرحلة الابتدائية حقائب تتجاوز هذه النسبة بكثير. وبحسب دراسة أميركية طبية، فإن الوزن الزائد للحقيبة يعرض الطالب لآلام الرقبة والذراعين والكتفين والظهر والقدمين إلى جانب تحدب الظهر إلى الأمام، ومزيد من الضغط على العمود الفقري، ولذلك تحتم الدول الأوروبية على المدارس ألا يزيد وزن الحقيبة المدرسية عن كيلوغرامين، في الوقت الذي يحمل فيه الطفل في المنطقة العربية حقيبة يراوح وزنها بين 6 و15 كيلوغرام خلال المراحل المدرسية الثلاث. وعلى رغم بعض الجهود التي قادها مسؤولون داخل وزارة التربية والتعليم للحد من زيادة وزن الحقيبة عبر إصدار قرص مدمج يحوي جميع المناهج يوزع على جميع الطلاب، إلا أن المشروع بقي ضمن دائرة المدارس النموذجية أو الخاصة، ولم يغطِ معظم المدارس الحكومية. ويرى معلمون أن الحقائب والكتب الثقيلة باتت «جزءاً من الماضي»، كذلك يقول المعلم إبراهيم السهلي الذي يضيف: «في أنظمة تعليمية عدة تم التخلص من الحقيبة الثقيلة، بعد أن اكتشف القائمون على المحاضن التعليمية خطورة زيادة وزنها على أجساد الطلاب، وتأثيرها المباشر في حصول مشكلات في النمو والعمود الفقري جراء الحمل اليومي والمتكرر لها». ويعتقد السهلي بضرورة «وضع حلول علمية سريعة للحد من هذه المخاطر»، ويتابع: «يحتم النظام الحديث للتعليم عدم إرهاق الطالب إطلاقاً، والتقدم المعرفي والتقني استطاع أن يقدم المناهج بشكل غير تقليدي، ومن الأولى الاستفادة منه بالشكل المطلوب، وبما يعين الطالب على تخليصه من هم الحقيبة ووزنها». ويلاحظ المعلم أنس الدوسري أن كثيراً من الطلاب باتوا يتركون المناهج المسلمة لهم داخل الفصول الدراسية بغية تخفيف وزن الحقيبة، وهو ما من شأنه تفويت فرصة الاستذكار ومراجعة الدروس. وتساءل: «كيف يمكن للطالب أن يسترجع ويستذكر ما تم إعطاؤه، طالما يترك كتابه في قاعة الدراسة، وهو سلوك شائع يقدم عليه معظم الطلاب». واعتبر الدوسري أن دمج عدد من المواد الدراسية وتقليص عددها من التخصص ذاته خطوة جيدة أقدمت عليها وزارة التربية والتعليم، «لكنها لم تخلص الطالب والطالبة من هذا العبء، خصوصاً طلبة الصفوف الدنيا».