عزا معلقون إسرائيليون تصعيدَ وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان لهجته العدائية ضد الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، وتهديدَ وزير الجبهة الداخلية الجديد آفي ديختر أمس حركة «حماس» ب «الرد العنيف» على استمرار إطلاق الصواريخ من قطاع غزة على جنوب إسرائيل، إلى عودة أجواء تبكير الانتخابات العامة في الدولة العبرية التي أشعلت صحف نهاية الأسبوع. ومعروفٌ أن ليبرمان يعتمد لزيادة شعبيته في أوساط اليمين الإسرائيلي المتطرف، على تصعيد مواقفه العدائية للفلسطينيين على جانبي «الخط الأخضر»، فيحصد بسببها مزيداً من المقاعد البرلمانية. وجاء تهديد ديختر بأن «إسرائيل ستجد نفسها مضطرة لتغيير إستراتيجية الردع ضد الإرهاب في غزة على نحوٍ يضمن وقفه تماماً»، في وقت أطلق صاروخان صباح أمس من قطاع غزة على إسرائيل، وسقط أحدهما على منزل في مدينة سديروت من دون التسبب بإصابات. وتبنت الهجوم جماعة «مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس» السلفية، معتبرة انه يأتي رداً على «تصاعد عمليات الغطرسة من اليهود»، خصوصاً استعدادات المستوطنين «لتنظيم حفلة للخمور في أحد مساجد بئر السبع». «تنسيق أمني سري» وأثارت تهديداتُ ديختر علاماتِ استفهام في شأن توقيتها، اذ تزامنت مع تحقيق صحافي في «هآرتس» يفيد بأن «التنسيق الأمني السري» بين إسرائيل وحركة «حماس» في القطاع، بلغ في العاميْن الأخيرين أفضل حالاته، وأثمر عن زيادة حجم البضائع المستوردة من إسرائيل إلى القطاع عبر معبر كرم ابو سالم. وجاء في التحقيق أن المعبر يشهد نشاطاً تجارياً كبيراً يضاهي أربعة أضعاف ما كان عليه قبل عامين، «وكل ذلك بهدوء وصمت ومن دون لفت انتباه أحد». وأضاف أن النشاط التجاري على المعبر «يثبت أن شعارات حماس الجهادية لمحاربة إسرائيل هي مجرد كلام لا معنى له، إذ تتعاون حماس اليوم بصورة غير مباشرة مع إسرائيل من أجل المحافظة على الهدوء وعلى النشاط الاقتصادي في القطاع». ووصف مسؤول إسرائيلي التعاون على المعبر ب «المذهل»، وقال إن المطالب الأمنية الإسرائيلية ينفذها الفلسطينيون، فيما الإسرائيليون يراقبون ما يجري عبر المعبر في كل لحظة. إلى ذلك، عادت الساحة الحزبية إلى الحديث عن احتمال تبكير الانتخابات البرلمانية المقررة أواخر تشرين الأول (اكتوبر) من العام المقبل، إلى شهر شباط (فبراير) المقبل، بالذات على خلفية اقتصادية، لا سياسية. واتفق المعلقون في الشؤون الحزبية على أمرين: الأول هو أن القرار يبقى بيد رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، والثاني هو أن نتانياهو وإن فقدَ في الأشهر الأخيرة من شعبيته، فإنه ما زال في نظر الإسرائيليين الشخصية الأنسب لرئاسة الحكومة المقبلة بلا منافس تقريباً. مشروع الموازنة وأزمة الاقتصاد وقد تكون العطلة الصيفية الطويلة للكنيست (البرلمان الإسرائيلي) المستمرة من تموز (يوليو) الماضي حتى مطلع الشهر المقبل، أسعفت نتانياهو من حرج برلماني كان ممكناً أن تسببه أحزاب في المعارضة والائتلاف الحكومي على السواء، حيال الأزمة الاقتصادية التي دخلتها الدولة العبرية في الشهرين الأخيرين والإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهتها على حساب الشرائح الضعيفة، فالضريبة على البضائع وعلى المدخولات سترتفع من اليوم، وسعر البنزين يسجل هذه الليلة رقماً غير مسبوق (أكثر من دولارين لليتر الواحد)، فيما تخطط الحكومة لإنزال «ضربات اقتصادية» جديدة في إطار مشروع الموازنة للعام المقبل الذي ينبغي على الحكومة تقديمه الى الكنيست بعد 60 يوماً على الأكثر. وأفادت تقارير صحافية أمس، أن نتانياهو يتخبط بين «إنزال الضربات أو الذهاب الى انتخابات»، وأن أوساطاً واسعة في حزبه «ليكود» تحضه على الخيار الثاني، لإدراكها أن الاقتطاع المتوقع من موازنات الرفاه الاجتماعي والصحة والتعليم سيثير حنق الشرائح الضعيفة، وهذه بغالبيتها محسوبة على أنصار «ليكود» وحزب «شاس» الديني المتزمت الذي قد يتذرع بهذه الإجراءات القاسية لإسقاط الحكومة، فيستفيد انتخابياً على حساب «ليكود». مع ذلك، توقع معظم المعلقين أن نتانياهو يفضل إقرار الموازنة على الذهاب إلى انتخابات مبكرة، بداعي أن عدم التصديق على الموازنة من خلال اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة سيُدخل إسرائيل في دوامة اقتصادية لن يكون سهلاً الخروج منها. ونقلت إحدى الصحف عن نتانياهو قوله، إن «ما تحتاجه إسرائيل في الوقت الراهن هو إقرار موازنة مسؤولة». وكانت زعيمة حزب «العمل» المعارض شيلي يحيموفيتش، جددت دعوتها نتانياهو إلى تقديم موعد الانتخابات والاتفاق على موعد يناسب جميع الأحزاب. وسبق ليحيموفتش أن وجهت دعوات كهذه في الأشهر الأخيرة على خلفية استطلاعات الرأي التي تتوقع مضاعفة الحزب تمثيله البرلماني على حساب حزب «كديما».