أكد وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان أمس أنه عنى كل كلمة قالها قبل يومين أثناء تسلمه منصبه الجديد في شأن مستقبل العملية السياسية في الشرق الأوسط، وأنه خلافاً لغيره (من الساسة الإسرائيليين) يفضل أن يقول كلاماً مباشراً وصريحاً من دون مواربة. ولقيت مواقف ليبرمان التأييد من اركان بارزين في حزب «ليكود» الحاكم الذين أكدوا أنها تتطابق وبرنامج الحزب كما عرضه خلال المعركة الانتخابية. وقال ليبرمان في حديث مع صحيفة «هآرتس» أمس: «أنا لا أحب الخداع (الإسرائيلي)... لإسرائيل التزامات أخذتها على عاتقها مثل خريطة الطريق الدولية، وهي ستفي بها شرط ان تكون تبادلية». وأضاف محاولاً تخفيف أثر تصريحاته أول من أمس، أنه ملتزم الخريطة «مثلما أقرتها الحكومة»، في إشارة إلى التحفظات ال14 التي أضافتها الحكومة، رغم أنه صوتّ ضدها في حينه «لكن هذا قرار حكومة وانا ملتزم به». وتابع: «الادارة الأميركية الحالية لا تتطرق اليوم إلى مصطلح عملية انابوليس، وأنا أقترح أن نسير وفق خريطة الطريق مرحلة بعد أخرى... لقد قلت في الفترة الأخيرة أمورا بعيدة المدى، مثل أني مستعد لإخلاء بيتي في مستوطنة نوكديم في حال قررت الحكومة ذلك... لكن يحظر التنازل عن كل ذلك مجانا». وأضاف متسائلاً، في غمز من الحكومة السابقة لعدم تنفيذ التزاماتها: «كم عدد البؤر الاستيطانية التي أخلتها الحكومة السابقة؟ وكم حاجزا عسكريا أزالت؟». وتابع أن الحكومة الجديدة وخلافاً لسابقتها ستطبق الالتزامات التي أخذتها على عاتقها حرفياً، وستقرن الأقوال بالأفعال «وسنجري حواراً سياسياً مع السلطة الفلسطينية، لكننا نريد أن نتأكد من أن هناك رصيداً للشيك (للأقوال)». وعرض شروطه على السلطة الفلسطينية قائلاً: «على الفلسطينيين أولاً معالجة الإرهاب والسيطرة على قطاع غزة وتجريد حركة حماس من سلاحها». وتطرق ليبرمان إلى المسار السوري، فقال إنه «لا يوجد قرار حكومي في شأن مسألة التفاوض مع سورية، وقلنا مسبقاً إننا لن ننسحب من الجولان... السلام مع سورية سيكون في مقابل السلام». تهنئة من هيلاري إلى ذلك، أفاد مكتب ليبرمان أن الأخير تلقى صباح أمس اتصالاً هاتفياً من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون هنأته خلاله بتسلمه منصبه الجديد و «اتفقا على مواصلة التعاون واللقاء قريباً». كذلك تلقى ليبرمان اتصالات تهنئة من نظيره الأسباني ومن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا ومن نظيره الايطالي الذي دعاه لزيارة روما. وطالبت زعيمة المعارضة تسيبي ليفني رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بأن ينأى بنفسه فوراً عن تصريحات وزير خارجيته، وقالت إن «عدم تعقيب نتانياهو على تصريحات دراماتيكية كهذه إما أنه يعكس ضعفه أو أنه يؤمن بها». وأضافت للإذاعة العسكرية أن تصريحات ليبرمان «تعيد إسرائيل سنوات إلى الوراء» وأن «التنصل من أنابوليس يتعارض ومصالح إسرائيل». وتابعت أن اليمين يقول دائما أن لا شريك في الجانب الفلسطيني كتبرير لعدم تقدم في المفاوضات، «والآن نحن لسنا الشريك». وبينما آثر رئيس الحكومة عدم التعقيب، جاء الرد من أحد أركان «ليكود»، وزير حماية البيئة غلعاد أردان الذي قال للإذاعة ذاتها إن نتانياهو يؤيد بكل تأكيد التصريحات المتشددة لوزير خارجيته. وأضاف أن هذه التصريحات لا تحمل جديدا، «وما قاله ليبرمان خلال الحملة الانتخابية لا يختلف عما قاله حزب ليكود للشعب، بما في ذلك حقيقة أننا نعارض تقديم تنازلات في الجولان». وتابع: «لن نخدع الجمهور وسنطالب بأمننا وسنحميه قبل كل شيء». وكرر أقوال ليبرمان بأن «من يريد تحقيق السلام، عليه أن يكون مستعدا للحرب أيضا في حال لم يكن هناك خيار». وتابع أن طريق حكومات اليسار فشلت «بسبب التنازلات التي قدمتها سلفاً». حماية ليبرمان تؤرق «شاباك» إلى ذلك، أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن حماية وزير الخارجية الجديد تتسبب في «وجع رأس» لجهاز الامن الداخلي (شاباك) الذي كثف الحراسة عليه بصفته احدى الشخصيات السبع المكلف حمايتها. وأضافت أن حقيقة إقامة ليبرمان في مستوطنة «نوكديم» في التكتل الاستيطاني «غوش عتصيون» في محيط القدسالمحتلة، تستوجب استنفار قوات كبيرة من «شاباك» والشرطة والجيش لدى خروج الوزير من بيته ومع عودته إليه لأن الطريق التي توصل إلى المستوطنة تعبر عددا من القرى الفلسطينية، بالرغم من أن الوزير يقل سيارة مرسيدس مصفحة. وذكّرت الصحيفة بحادث استقدام مروحية عسكرية لإخراج ليبرمان من بيته قبل ثماني سنوات مع وصول إنذارات بنية قناصة فلسطينيين اغتياله. ووصف مسؤول في «شاباك» عملية حراسة ليبرمان «بعملية عسكرية». من جهتها، أفادت صحيفة «معاريف» أمس ان نتانياهو بصدد بلورة خطة عمل وإجراء «إعادة تقويم» للسياسة الإسرائيلية في كل ما يتعلق بالمفاوضات مع الفلسطينيين. وأفادت أنه من خلال محادثات مغلقة أجراها نتانياهو أخيرا مع مستشاريه، يتبين أنه يعتزم إجراء فحص معمق وأساسي لمفهوم المفاوضات والسياسة الإسرائيلية قبل أن يبلور نهائياً خطته السياسية. وتابعت أن نتانياهو يتطلع إلى مواصلة المفاوضات مع الفلسطينيين واقتراح «رزمة اقتصادية - سياسية» تشمل تجميد الاستيطان وإخلاء بؤر استيطانية غير قانونية، لكن من دون الدخول في مواجهة مع المستوطنين. وفي موازاة ذلك، ستتواصل المفاوضات مع الفلسطينيين مع تنفيذ تسهيلات ميدانية جدية مثل إزالة حواجز وتخفيف سياسة الإغلاق، و«سيتم بعدها طرح خطة اقتصادية مشتركة مع الأسرة الدولية تؤدي إلى حدوث تغيير جوهري للوضع الميداني». وتابعت الصحيفة انه يتوقع أن تشمل خطة نتانياهو السياسية استمرار الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، على أن يتم التعامل معهما كيانين منفصلين». أما على المسار السوري، فكتبت الصحيفة أن نتانياهو يعتزم إجراء مفاوضات غير مباشرة مع سورية، «لكن الأمر المركزي في خطته السياسية سيكون الاستعداد الحثيث لمواجهة مع إيران». وعقب مكتب نتانياهو على الخبر بالقول إن «المعلومات لا تستند إلى حقائق وأن «رئيس الحكومة موجود الآن في أوج عملية تدقيق، ولم يبلور رأيه بعد في القضايا المذكورة».