في دراسة رائدة عن استعمال أسلوب التحفيز المغناطيسيّ للدماغ في سياق يماثل الممارسة السريريّة (الإكلينيكية) في الحياة العمليّة، أثبت باحثون في «مستشفى باتلر» الأميركي بمساعدة زملاء لهم في الولايات المتّحدة، أنّ التحفيز المغناطيسيّ للدماغ Transcranial Magnetic Stimulation يشكّل علاجاً فعّالاً للمرضى الذين يعانون من الاكتئاب. وأعطى هذا الأسلوب «المغناطيسي» نتائج طيّبة في علاج مرضى لم تقدر الأدوية المضادّة للاكتئاب («أنتي ديبراسنتس» Anti- Depressants) على التخفيف من حدّة معاناتهم. ونُشِرَت نتائج هذه الدراسة على الإنترنت في غرّة صيف 2012، في المجلة الإلكترونية «ديبراشين أند أنكزايتي» (كآبة وقلق) التي يُصدِرها موقع «ويلي أونلاين لايبريري» Wiley Online Library الموسوعي. عندما تعجز الأدوية من الناحية العلمية المحضة، هناك ما يزيد على 30 تجربة على فعالية التحفيز المغناطيسيّ للدماغ. وساعد تحليل نتائج هذه التجارب على التعمّق في فهم هذا الموضوع. وبشكلٍ عام، كانت نتائج التجارب إيجابية دوماً، ما يشجّع على استعمال التحفيز المغناطيسيّ للدماغ في معالجة الاكتئاب، خصوصاً في الحالات التي تكون مضادات الاكتئاب غير فعّالة بشكل كاف. وتحدثت عن هذه الدراسة الدكتورة ليندا كاربنتر، وهي الكاتبة الرئيسيّة للدراسة ورئيسة برنامج اضطرابات المزاج و«عيادة تعديل العمليّات العصبيّة» في «مستشفى باتلر» الأميركي. وقالت: «كانت التجارب السّابقة مهمّة جدّاً من أجل وضع أساس يستند إليه «مكتب الغذاء والدواء» في الموافقة على استعمال أوّل جهاز للتحفيز المغناطيسيّ للدماغ كعلاج للاكتئاب في العام 2008. إنّ الدراسة التي أجريناها تضمّنت فحصاً دقيقاً للنتائج في حياة المريض بعد إجراء التحفيز المغناطيسيّ للدماغ ضمن الأطر المعتمدة للممارسة السريريّة، ما يعتبر خطوة إلى الأمام في فهم فعّالية التحفيز المغناطيسيّ للدماغ. ويضاف إلى هذا، أن هذه الدراسة مفيدة أيضاً في وضع قانون للرعاية الطّبية، خصوصاً في زمن يتطلّب اتّخاذ قرارات صعبة في ما يتعلّق باستعمال الموارد الطبية، وهي قليلة دوماً بالمقارنة بالحاجات المتوسّعة للمرضى». وأوضحت كاربنتر أنّ الدّراسات التي تجرى في سياق ممارسة طبية طبيعيّة تختلف عن التجارب السريريّة المُنمذجة. إذ تتيح الأخيرة تضمينَ مواضيع تتصل بعلوم أعراض الأمراض وظواهرها على نطاق أوسع، في حين تتّسم التجارب السريريّة المُنمذجة بمعايير أكثر صرامة، ما يبعدها عن البيئة الطبيعية للممارسة الطبية». وأضافت كاربنتر: «أجريت هذه الدراسة في عيادات متعددة، ورصدت نتائجَ المرضى في عيادات من مناطق مختلفة في الولايات المتّحدة. تمكّنا من جمع النتائج المتأتية عن تقديم وسيلة علاجيّة نفسيّة جديدة كالتحفيز المغناطيسيّ للدماغ، في بيئة لم تصطنع من أجل غايات البحث». وبرهنت الدراسة فعالية التحفيز المغناطيسيّ للدماغ في علاج مجموعة من مرضى الاكتئاب طُبّقَ عليهم هذا الأسلوب، مع استمراهم في الحياة اليوميّة، مع ملاحظة أن علاجات أخرى أخفقت في علاجهم. ولخّصت الدراسة بيانات جُمعت من 42 عيادة في الولايات المتّحدة اعتمدت أسلوب التحفيز المغناطيسيّ للدماغ ضمن ممارساتها السريريّة. وتضمّنت أيضاً نتائج عن حال 307 مرضى يعانون من اضطراب اكتئابيّ رئيسيّ ولم يتمكنّوا من التخلّص من أعراضه على رغم استعمالهم أدوية مضادّة للاكتئاب. وكذلك رصد التقرير التغيير الذي يظهر عند تطبيق التحفيز المغناطيسيّ للدماغ، عبر الاستعانة بتقويمات الأطباء المعالجين لخطورة الاكتئاب، وتدوين نتائج تقارير كتبها المرضى بأنفسهم عن مستوى الاكتئاب لديهم. وتطلّب هذا الأمر تقويماً لخطورة أعراض المرضى على أساس مقياس موحّد، عند نهاية كلّ فترة أسبوعين. ورُصِدَت معدّلات «التفاعل» و«تخفيف حال المرض» بعد إجراء التحفيز المغناطيسيّ للدماغ، بنفس الطريقة المتّبعة في رصد النتائج النهائية في تجارب سريريّة أخرى استُخدِمَت فيها علاجات مضادة للاكتئاب. وتبيّن أن التحفيز المغناطيسي للدماغ أعطى مفعولاً وصفه المرضى بال «تفاعل الإيجابي» في 58 في المئة من الحالات، إضافة إلى ظهور مفعول وُصِف بأنه «تخفيف حال المرض» في 37 في المئة من الحالات.