عقدت الحكومة الجزائرية أمس، اجتماعها الثاني في أربعة شهور منذ إجراء الانتخابات التشريعية في العاشر من أيار (مايو) الماضي، لكن جدول أعمال المجلس أعطى انطباعاً بأن السلطة التنفيذية التي يقودها أحمد أويحي بات يكتفي بدور «حكومة تصريف أعمال»، مع استمرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الاحتفاظ ب «أسرار» التعديل الحكومي، على رغم مظاهر «ضجر» يبديها جزائريون بسبب الاحتجاجات التي تتناول «سوء إدارة أزمة مياه الشرب». ويكتفي أويحي، بعقد اجتماعات حكومية منذ إجراء الانتخابات التشريعية الأخيرة، على رغم أن الهيئة المخولة تسيير شؤون الدولة هي مجلس الوزراء الذي يرأسه رئيس الجمهورية. واكتفى أويحي في اجتماع حكومي عقد أمس، بدرس ثلاثة مشاريع نصوص قانونية تتناول قانون المالية للسنة المقبلة ومشروع الموازنة ومشروع تعديل قانون المحروقات. وترددت أنباء عن معالجة الحكومة، مشروع تعديل قانون الانتخابات المعدل السنة الماضية فقط، بطرح فكرة خفض نسبة الباقي الأقوى المقدرة بسبعة في المئة في الانتخابات المحلية إلى خمسة في المئة فقط مثلما هو معمول به في التشريعيات. وكلما ارتفعت هذه النسبة زادت حظوظ الأحزاب التقليدية الكبرى، وكلما تقلصت زادت حظوظ الأحزاب الجديدة، علماً أن الحكومة رخصت لقرابة عشرين حزباً الأسبوع الماضي، والعدد نفسه تقريباً قبل التشريعيات. ويتردد أن تأخر الرئيس الجزائري في إعلان تشكيلة الحكومة الجديدة، مرده «صعوبة التوافق» في خصوص المرحلة التي تسبق الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأخذ بوتفليقة «كل وقته» في بحث ترتيبات الأسماء المرشحة لتولي حقائب وزارية. ومعلوم أن التعيين في أعلى المسؤوليات في الدولة يخضع ل «التوازنات و التوافقات». ويتم تسيير ست وزارات على الأقل، بالنيابة، بعدما أنهى بوتفليقة مهام الوزراء الفائزين في الانتخابات التشريعية، بعد ترشحهم على رأس قوائم حزبية، تفادياً لحالات التضارب مع الولاية البرلمانية. وبدأت تبرز مظاهر تذمر غير طبيعية في الشارع الجزائري، إزاء الجمود الحكومي، لأن القرارات المهمة تتركز في يد الرئيس. وقطع محتجون في ولاية تيبازة (70 كلم غرب العاصمة) أول من أمس، الطريق أمام موكب وزير الموارد المائية عبد المالك سلال، ومنعوه من إتمام زيارته التفقدية لقطاعه في الولاية. وكانت مطالب المحتجين تنموية محلية، لكن «احتجاز» الوزير ووالي الولاية وصف ب «التطور الخطير وأحد مظاهر فقدان الدولة لمصداقيتها». وتحجج مقربون من بوتفليقة، تبرير تأخير إعلان الحكومة، بأزمة اللجنة المركزية لحزب الغالبية، جبهة التحرير الوطني، لكن الموعد انقضى بإعادة تأكيد الثقة في الأمين العام، عبد العزيز بلخادم، إلا أن ذلك لم يسمح بتوضيح الرؤية أمام الرئيس الجزائري، لتوزيع الحقائب خصوصاً حركة مجتمع السلم، الإسلامية، عبئاً آخر على كاهل الرئيس، برفضها اللحاق بالطاقم الحكومي الجديد، ما يعني ضآلة فرص التوافق في الحكومة الجديدة. ولم يعرف بعد كيف ستتعامل الحكومة مع افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان في الثالث من أيلول (سبتمبر) المقبل بعدما تأجل عرض الحكومة بيان عملها على البرلمان، لأشهر، بسبب «تخلف» الرئيس عن البت في مصير الحكومة.