بعد نجاح لا بأس به تواصل طوال أكثر من دزينة من السنوات على المحطة نفسها وبالإسم نفسه، اوقف الإعلامي المعروف زافين برنامجه «سيرة وانفتحت» الذي كان يبث على شاشة «المستقبل» ليبدله بعد استراحة رمضانية ببرنامج جديد عنوانه «عل أكيد». وهذا البرنامج الذي بثّت حلقته الأولى الإثنين الماضي وتبث الثانية مساء اليوم، هو من تلك البرامج التي تشتري القنوات حقوقها من الخارج وتحاول ان تنفذها محلياً كما هي. وطبعاً لن نتوقف هنا عند ظاهرة الإستيراد غير المبرر هذه، طالما اننا نعرف انه حين يتعلق الأمر بإعلامي مجتهد مثل زافين، يمكن توقّع إفلات ملحوظ مع الوقت من براثن النسخة طبق الأصل. ومن هنا نميل الى التعامل مع الأمر وكأن البرنامج محليّ. يقيناً ان الوقت ما زال باكراً للحكم منذ الآن على برنامج لم يزل في اولى حلقاته... ومع هذا يمكن القول ان تلك الحلقة كشفت عن جهود ملحوظة وتجديدات لافتة وخروج لا بأس به عن الروتينية التي تصبغ هذا النوع من البرامج. ومن الواضح ان المحطة لم تبخل مالياً بما في ذلك اسنادها التنفيذ الفني الى طواقم جديدة والى فنيين مستعارين من اجواء أخرى سبق ان حققوا نجاحات هناك. إذا، إن كانت هناك منذ الآن ملاحظات جدية على البرنامج، فإن هذه الملاحظات لا يمكن ان تطاول الإداء الفني ولا بالطبع اجتهاد زافين الذي يبدو هنا اكثر حرفية وأهدأ حضوراً من ايّ وقت كان... زافين في «عل أكيد» يبدو جديداً قوياً حتى وإن كان لا يزال هوهو الذي عهدناه ناجحاً ومميزاً في «سيرة وانفتحت» حين كان الأبرز بين مقدّمي هذا اللون الإجتماعي من البرامج على المحطات العربية. غير ان هذا لن يلغي ملاحظة لا بد من التوقف عندها منذ الآن... فالبرنامج يقوم على مساعدة بعض المواطنين على الحصول على حقوقهم الممنوعة عنهم لدى شركة ما، او أخ طامع، او مؤسسة مغتصبة.. وحتى هنا يبدو الأمر عادياً ومنطقياً ومشكوراً حتى، بخاصة ان زافين يستعين في البرنامج بثلاثة محامين مرموقين يجلسون محللين للحقوق وللقوانين ساهرين على حسن تطبيقها. وهؤلاء جلسوا بالفعل في الحلقة الأولى وشهدوا وشاهد الجمهور معهم، الحقوق تعود الى اصحابها مباشرة على الهواء... وكل هذا بدا جميلاً يمكنه ان يكون فخراً لأفضل العوالم الممكنة. ومع هذا أفلا يحق للمرء ان يتوقف لحظة ليتساءل: هل كانت الأمور ستجري على تلك الشاكلة لو لم يكن الإعلام هناك؟ لقد بدا الأمر وكأن مغتصبي الحقوق لم يعترفوا بحق الضحايا إلا خوفاً من الإعلام... زافين كان هو من أخافهم، لا القانون ولا المحامون... ترى أفلا يدفعنا هذا الى التساؤل الفظ: اذا كان على المرء ان يلجأ الى مثل هذا «الإبتزاز» الإعلامي اللطيف للحصول على حقه... لماذا علينا ان نلوم «المجالس العسكرية العشائرية» إن هي لجأت الى الإعلام والإبتزاز الحقيقي، بالسلاح هذه المرة، لتحصيل ما تعتبره من حقوقها او ظلماً أصابها؟