قالت مصادر عراقية رفيعة المستوى ل «الحياة»، إن زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لبغداد «دشنت استراتيجية جديدة لطهران، بالتزامن مع التغيير في الحكومة العراقية». وأكدت أن التغيير الأهم هو «استبدال المسؤول الإيراني الأول عن الملف العراقي قائد فيلق القدس قاسم سليماني بلجنة موقتة، برئاسة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني وعضوية ضابطين، الأول هو آغا جعفري الذي كان قائداً في الاستخبارات، والثاني أبو جلال محمدي»، ومهمة اللجنة الاتصال بالسنّة والأكراد (للمزيد). وكان ظريف التقى مسؤولين عراقيين، بينهم رئيس الحكومة المكلف حيدر العبادي وسلفه نوري المالكي، ورئيس البرلمان سليم الجبوري، وأكد دعم بلاده الحكومة الجديدة في تحقيق الأمن ومواصلة الحرب على تنظيم «داعش» وضمان وحدة البلاد. وأكدت مصادر سنّية وشيعيّة وكرديّة، على اتصال مع سليماني، أنه «لم يعد مسؤولاً عن ملف العراق، والاتصالات الأخيرة التي تلقاها الأكراد تولاها آغا جعفري، وهو ضابط ارتباط سبق أن تولى الملف العراقي في الاستخبارات بين عامي 1997 و 2002 ، فيما تلقى السنّة اتصالات من أبو جلال محمدي، وهو ضابط ارتباط على علاقة وثيقة بالملف العراقي منذ التسعينات». وكان شمخاني يدير الترتيبات الأخيرة لتنحّي المالكي داخل الوسط الشيعي. وأشارت المصادر إلى أن «زيارة ظريف أكدت تغيير الشخصيات الإيرانية المسؤولة عن الملف العراقي، مع أن سليماني لم يغب عن المشهد بعد، فهو مازال مسؤولاً عن الملف السوري المتداخل في كثير من الجوانب الأمنية والسياسية مع العراق». وأوضحت أن التغيير كان متوقعاً بعد اجتياح تنظيم «داعش» مساحات واسعة من الأراضي العراقية، إذ أثبت هذا الاجتياح فشل الاستراتيجية الإيرانية التي قادها سليماني عشر سنين. ولفتت إلى انتقادات وجّهها بعض المسؤولين الإيرانيين إلى السياسات الخطأ التي دعمت المالكي، ما أضعف علاقة طهران بالسنّة والأكراد، بالإضافة إلى أنها هددت العلاقة مع زعامات شيعية، وتياري عمار الحكيم ومقتدى الصدر. وتابعت أن «سليماني بقي متمسّكاً بالمالكي حتى النهاية، والإدارة الإيرانية توصلت، بعد ما يشبه استطلاع للرأي خلال لقاءات عقدها شمخاني في بغداد منتصف تموز الماضي، وخصوصاً بعد لقائه المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، إلى أن الأمور في هذا البلد بدأت تخرج عن السيطرة، وأن سليماني لم يعد قادراً على التنسيق بين القوى الشيعية، وقد أثار غضب السيستاني». وأكدت أن «المحصّلة التي أشار إليها الكاتب الإيراني المقرب من النظام رسول جعفريان، أشارت الى فشل سياسات سليماني». وكان جعفريان كتب مقالاً نشرته مواقع مقربة من المحافظين قبل نحو أسبوع، جاء فيه أن «دعم حكومة المالكي أدى الى ضياع ربع مساحة العراق، وعدم اهتمامنا بالأكراد والسنّة وعدم استماعنا إلى وجهات نظرهم جعلانا نجهل حقيقة ما يجري (...) يبدو أن ضعف معلوماتنا وتراخي حركة أجهزتنا الأمنية في تحليل الأحداث والفقر في فعالية السياسة الخارجية والنظر من زاوية واحدة، هي العوامل التي قادت إلى ما وصلنا إليه». وقال ظريف خلال مؤتمر صحافي مع نظيره العراقي هوشيار زيباري، إن بلاده «مرتاحة إلى اختيار العبادي رئيساً للوزراء، فإيران تحترم خيارات الشعب العراقي». وزاد أن «طهران لم تتدخل ولن تتدخل في هذه الخيارات، وستدعم حكومة العبادي بمقدار دعمها حكومة المالكي».