تأرجح الوضع الأمني في مدينة طرابلس بين التهدئة والتوتر أمس، في ظل مزيد من التشدد من الجيش اللبناني في إجراءاته لضبط الوضع وتثبيت وقف إطلاق النار، وفي الرد على مصادر القنص الذي طاول العسكريين فجرح منهم سبعة، وكذلك الصحافيين وهم يقومون بواجبهم، ما أدى الى جرح اثنين جاءت اصاباتهما طفيفة، وسقط 3 قتلى وزهاء 10 جرحى من المدنيين بين منتصف ليل أول من أمس وعصر أمس. وشهدت جبهة القتال بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة تصعيداً عنيفاً بعيد منتصف ليل أول من أمس أدى الى سقوط قتيل وجرح ضابط من الجيش، إثر الاجتماع الحكومي - الأمني الذي ضم نواب ووزراء المدينة برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والذي تقررت فيه مجموعة من التدابير استناداً الى الأوامر المعطاة لوحدات الجيش المعزّزة والمنتشرة بين المنطقتين. وبعودة الهدوء نهاراً لبعض الوقت عادت عمليات القنص التي استهدفت الطريق الدولية بين طرابلس وعكار. وشهدت المدينة بموازاة التوتر الذي بقي مسيطراً على منطقتي الاشتباكات عند أطراف المدينة، بعضَ مظاهر الفلتان في أنحاء مختلفة من طرابلس، حيث أقدمت مجموعات على حرق 6 محال تجارية ومنازل، 4 منها لعلويين وواحد لمسيحي وآخر لسنّي. وقالت مصادر أمنية إن هذا جاء ردَّ فعل على حرق 3 محلات تعود الى سنّة وتقع على أطراف جبل محسن الذي يقطنه العلويون، إضافة الى منزل يعود الى جندي في الجيش. وأوضحت مصادر أمنية ل «الحياة»، أنه اتخذ قرار بتعزيز الحراسات الأمنية في الأحياء والشوارع داخل طرابلس لمنع تكرار ذلك وتشديد الإجراءات لملاحقة المشتبه في قيامهم بهذه الأعمال وتوقيفهم. وبرز تطور لجهة إظهار جدية الدولة في ملاحقة المخلّين بالأمن، حسبما قال مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار ل «الحياة»، إذ أصدر القضاء العسكري استنابات قضائية الى الشرطة العسكرية ومخابرات الجيش وقوى الأمن الداخلي لتحديد الأشخاص الذين شاركوا في الاشتباكات التي شهدتها المدينة، لا سيما ان بعضهم ظهر على شاشات التلفزة وهم مسلحون. وكان عقد اجتماع بين القادة الأمنيين وبعض مسؤولي لجان الأحياء في منطقة باب التبانة، أكد فيه مسؤولو لجان التبانة أنهم لا يرغبون بصدام عسكري، وأن المسلحين الموجودين في المنطقة هم للدفاع عنها، وأن لا بنية عسكرية لديهم وهم مع تولي الجيش الأمن، لأن لا مشروع لديهم، واتهموا مسلحي «الحزب العربي الديموقرطي» الذي يتزعمه رفعت علي عيد بالتحرك وفق أجندة سورية انطلاقاً من جبل محسن. وإذ اعتبر الشيخ الشعار ان صدور الاستنابات القضائية والاجتماعات التي عقدت قد تخفف من حدة التوتر، رعى مساء في منزله اجتماعاً لقيادات المجتمع المدني في المدينة الذين تنادوا الى التحرك ضد توتير الأوضاع وتدهورها الأمني، في وقت ترى فاعليات في المدينة ان دعم تولي الجيش ضبط الأمن والتشدد فيه، بات يتطلب غطاء ودعماً أوسع من الذي تقدمه له الحكومة والقوى السياسية. ولا تستبعد مصادر طرابلسية ان يلتقي المفتي الشعار رئيس الجمهورية ميشال سليمان باسم هيئات المجتمع المدني من أجل اقتراح خطوات داعمة للجيش بالتنسيق مع نواب المدينة ووزرائها، خصوصاً أن بقاء الوضع خاضعاً للاستنزاف يجعل قابلية تفجره دائمة. وفيما تابع ميقاتي أمس من بيروت التدابير الأمنية المتخذة وأكد ضرورة تشدد الجيش في الرد على مصادر النيران، ألغى رئيس الجمهورية ميشال سليمان سفراً كان مقرراً أمس لقضاء إجازة بضعة أيام في الخارج، بسبب الوضع المتردي في أمن طرابلس وبسبب متابعته قضية المخطوفين اللبنانيين في سورية، إضافة الى المخطوفين السوريين على أيدي آل المقداد. وفيما صدرت ردود فعل إضافية على إحالة طلب رفع الحصانة عن النائب في كتلة «المستقبل» معين المرعبي، نتيجة دعوى قيادة الجيش عليه لتعرضه للمؤسسة العسكرية، علمت «الحياة» أن لقاء كان محدداً سابقاً عقد بين قائد الجيش جان قهوجي وبعض نواب الكتلة، هم هادي حبيش، سمير الجسر، أحمد فتفت وجمال الجراح، جرى خلاله البحث في أوضاع طرابلس والدعوى المقامة من الجيش على المرعبي. وقالت مصادر المجتمعين إنه جرت مصارحة ومكاشفة خلال الاجتماع بالعمق للعلاقة بين الجانبين. وأكد العماد قهوجي أنه لا يريد صداماً مع أحد، وأن الدعوى المقامة ضد المرعبي لتعرضه للقيادة ترتبط بمعنويات الجيش وهدفها استيعاب النقمة التي برزت في صفوفه. وأوضحت المصادر ان نواب «المستقبل» ذكروا بأن التيار كان رأس حربة في الوقوف مع الجيش «ومشروعنا نحن هو الدولة التي عمادها الأساسي الجيش». وذكّر نواب «المستقبل» بأنهم طالبوا بجمع السلاح في المدن «وقيام المؤسسات والحؤول دون استيراد الأزمة السورية الى لبنان». من جهة ثانية، نفى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أمس، ان يكون هناك شرط تركي بالإفراج عن التركيين المخطوفين مقابل دور لتركيا في الإفراج عن المخطوفين اللبنانيين. ونفى أيضاً وجود قواعد ل»للجيش السوري الحر» في لبنان، وأكد أن طريق المطار لن تقفل بعد اليوم. احداث طرابلس