ارتفعت حصيلة الاشتباكات المتقطعة بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة في مدينة طرابلس (شمال لبنان)، الدائرة منذ الإثنين الماضي، والتي لم يتمكن احد من لجمها حتى الآن، الى 12 قتيلاً و86 جريحاً حتى بعد ظهر امس. وطاول رصاص القنص المنطلق من جبل محسن أمس، وفق التقارير الاعلامية، الجيشَ اللبناني كما الصحافيين، ووصف المصابون منهم الأمرَ بأنه يشبه «الكمين». وفيما سطّر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر استنابات قضائية الى كل من الشرطة العسكرية ومديرية المخابرات في الجيش اللبناني والمديرية العامة لقوى الامن الداخلي، لمعرفة الاشخاص المسلحين في أحداث طرابلس الاخيرة وكشْف هوياتهم وملاحقتهم وتوقيفهم، ولا سيما الذين يظهرون على شاشات التلفزة، فإن المعالجات السياسية لم تنجح في تثبيت وقف إطلاق النار ولا حتى في التوصل الى «هدنة مستديمة». والاجتماع الوزاري الموسع الذي عقد ليل اول من امس في منزل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والذي انتهى الى الطلب من القضاء القيام بواجبه في إصدار الاستنابات القضائية في حق كل من سيخل بالامن، كما طلب من الجيش والقيادات الأمنية فرض الامن بكل الوسائل وتوقيف مطلقي النار، وكلَّف مفتي طرابلس والشمال مالك الشعار القيام بمبادرة لجمع سائر الفرقاء لترسيخ العيش المشترك واكمال مصالحة بدأت عام 2009، جرى الرد عليه بعد ساعات، بتفجير الوضع ميدانياً قرابة الثانية بعد منتصف الليل، فسُجِّلَ سقوط قذائف صاروخية واطلاق رصاص قنص، ما ادى الى مقتل الشيخ خالد برادعي (28 عاماً) في حي البقار، وردَّت وحدات الجيش اللبناني المنتشرة عند الخط الفاصل بين المنطقتين على مصادر النيران، وساد هدوء حذر محاورَ الاشتباكات، خرقته من حين الى آخر اصوات الطلقات النارية وعمليات القنص التي تستهدف اوتوستراد طرابلس-عكار الدولي في محلة التبانة، وتردد بين الحين والآخر دوي القذائف الصاروخية ما تسبَّب باندلاع حرائق كبيرة في الحيَّيْن. مسلحون ومقنّعون وحرق ممتلكات وتحدثت الوكالة «الوطنية للاعلام» (الرسمية) عن أن بعض المسلحين جابوا شوارع طرابلس ملثمين، وعمدوا الى حرق عدد من المحال التجارية. وشملت اعمال العنف في المدينة احراق ستة محلات في سوق طرابلس، أربعة منها يملكها علويون وواحد يملكه سني والسادس يملكه مسيحي. وتوفي المواطنان عصام معرباني ووليد مصمص (اصيبا في باب التبانة بجروح بالغة) في الاشتباكات التي ادت، مع رصاص القنص، الى اصابة 7 عسكريين من الجيش اللبناني، والتقني حسين نحلة (من الفريق الإعلامي ل «سكاي نيوز-عربية») في رأسه، والصحافية الكندية ماريا مور، وذلك عند أوتوستراد طرابلس الدولي في محلة دوار أبو علي، ونقلا الى المستشفى الخيري الاسلامي، الذي أكد مدير العناية الطبية فيه سميح بركة، أن نحلة مصاب برأسه وحاله مستقرة، أما مور فإصابتها بالرِّجْل، وهي تحت المراقبة. يُذكر ان ارتداء الاعلاميَّيْن الدروع والخوذ خفَّف من حجم اصابتيهما، وقال إعلاميون كانوا الى جانب الجريحين حين حصل القنص، إن «ما حصل بدا استهدافاً مباشراً للاعلاميين، وقد يكون كميناً». ومن الجرحى الذين نقلوا الى المستشفيات نتيجة الاصابة بالقنص امس: حنين خانات، علي عواد، خضر عبد الكريم، سارة سليمان، احمد الوعري، محمود محمد قواص، فاروق معراوي، وليد مرعي، محمد درويش ونبيل النابوش. وسجل اندلاع حريق كبير في جبل محسن، قال المسؤول الاعلامي في الحزب «العربي الديموقراطي» عبد اللطيف صالح، إن سببه يعود الى احتراق مولد كهربائي. متابعة سياسية وعقد الرئيس ميقاتي اجتماعات في السراي الكبيرة في إطار متابعة الوضع الأمني في طرابلس، أكد خلالها، وفق مكتبه الاعلامي، «ضرورة تشدد الجيش في ضبط الوضع والرد على مصادر اطلاق النار»، مشدداً «على أن كل القيادات الطرابلسية تُجمع على أولوية دعم الجيش في مهمته لإنهاء الأحداث الدموية المؤسفة». ورأى النائب السابق طلال المرعبي في تصريح، أن «المطلوب ليس فقط تسطير مذكرات توقيف في حق مثيري الفتنة والمخلين بالأمن، بل توقيفهم، والتوصل الى معرفة رأس الفتنة، لضربها ومنع حمل السلاح، وإلا ستبقى طرابلس منطقة تجارب وتوتر دائم». ودعا نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، أهاليَ طرابلس في خطبة الجمعة، الى «حفظ دماء المسلمين». وقال: «ما يجري في طرابلس امر مرفوض، فالهتك والقتل والتحدي امور تستدعي أن نخاف الله فيها».