فرض الهدوء الحذر في طرابلس، والذي تخلله عمليات قنص بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة أدى الى مقتل مواطنين وسقوط مزيد من الجرحى، على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعدد من الوزراء الانتقال الى المدينة بعد ظهر أمس ليرأس اجتماعاً مسائياً بين فاعلياتها وبعض نوابها والقادة الأمنيين من أجل العمل على تثبيت الهدوء في ظل تزايد المخاوف من انفلات الوضع الأمني بفعل تكاثر المسلحين وتعدد الجهات التي تدعمهم تسليحاً وتمويلاً بهدف كسب النفوذ في عاصمة الشمال، وبينهم فرقاء في الحكومة نفسها. وواصل الجيش إجراءاته على الأرض بعد انتشاره بين منطقتي الاشتباكات التي كانت اندلعت ليل الاثنين الماضي، فأزال عدداً من المتاريس وفتح الطريق الدولية بين طرابلس وعكار، والتي بقي السير عليها خفيفاً نظراً الى المخاوف من القنص وخرق وقف النار الذي شمل إطلاق قذيفتين صاروخيتين، فضلاً عن حرق منزلين. ورأت مصادر رسمية أن قيادة الجيش «اضطرت الى إصدار بيانها (أول من أمس) الذي دعا القيادات السياسية المختلفة الى عدم التدخل في ما يحصل ميدانياً، نظراً الى ما لديها من معطيات عن دعم قوى سياسية بعضها ممثل في الحكومة مجموعات مسلحة، وهو ما أدى الى تفريخ شلل مسلحة تزايد على بعضها بعضاً». ولفتت أمس دعوة رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط جميع الأطراف والقوى السياسية في المدينة الى وقف كل أشكال التمويل والتسليح والتحريض بشكل أو بآخر، وتنظيم خلافاتها بعيداً من العنف». وإذ وصف ما يجري في المدينة بأنه «حرب استنزاف»، رأى ان المعركة «تهدف لاسترهان المدينة وتحويلها الى ساحة مشتعلة لتحوير الأنظار عن الحدث السوري والتخفيف من وطأته وضراوته. وامتدح جنبلاط موقف منسق «تيار المستقبل» في المدينة النائب السابق مصطفى علوش، داعياً الى الدعم المطلق لجهود الجيش «عملياً وليس نظرياً في التصدي لجر طرابلس الى الفتنة والاقتتال». وانضم الى الاجتماع الذي رأسه ميقاتي مساء، وزراء الداخلية مروان شربل والدفاع فايز غصن والمال محمد الصفدي والاقتصاد نقولا نحاس والشباب والرياضة فيصل كرامي والدولة أحمد كرامي، ونواب المدينة والمفتي مالك الشعار والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وقادة أمنيون آخرون. وفي موازاة ذلك، أدى اهتزاز أمني جديد على الحدود اللبنانية - السورية حيث أدى قصف مروحيات سورية لبلدة جوسية التي تقع أراضيها في الجانبين السوري واللبناني في منطقة البقاع الشمالي، الى مقتل مواطنين لبنانيين يعملون في الزراعة، في الجانب السوري من الحدود ليل أول من أمس. وفيما اعتبر الجيش النظامي السوري أنه هاجم معقلاً للمسلحين في البلدة، نفى رئيس بلدية عرسال اللبنانية وجود مقاتلين من البلدة مع «الجيش السوري الحر». وقال: «إذا صح مقتل 4 من عرسال فإنهم مدنيون لا مقاتلون». واتهم «حزب الله» بأنه يقاتل ضد الثوار في المنطقة «ويقصفون الثوار من الهرمل». وعلى صعيد قضية المخطوفين اللبنانيين في سورية اجتمع الوزير شربل مع وفد من أهاليهم أمس. وأكد لهم أن الدولة اللبنانية لم تترك القضية وتلاحقها، مشيراً الى أن «المحادثات للإفراج عنهم صعبة... ولا علاقة لوجود مخطوف تركي بتكثيف الجهود لإطلاقهم». كما التقى وفد من آل المقداد الذين كانوا خطفوا 19 سورياً المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم. وقال مصدر من آل المقداد إن ابراهيم أبلغهم أن لا جديد في الاتصالات للإفراج عن ابنهم المحتجز. وعلى الصعيد السياسي أحال وزير العدل شكيب قرطباوي أمس طلباً من النيابة العامة التمييزية لرفع الحصانة عن النائب في كتلة «المستقبل» معين المرعبي بناء لادعاء قدمته قيادة الجيش ضده بالتعرض للمؤسسة العسكرية، وتسلمت الأمانة العامة للبرلمان الطلب الذي يتوجب على رئيسه نبيه بري اطلاع هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل عليه ليتقرر ما إذا كان يتطلب عرضه على الهيئة العامة للتصويت عليه. واعتبر عضو هيئة المكتب النائب مروان حمادة أنه طلب غير دستوري، وتمنى على الرئيس بري أن يرده، منتقداً خطوة قرطباوي.