منذ دخول تنظيم «داعش» المتشدد إلى الموصل في العاشر من حزيران (يونيو) الماضي وانتشاره في تكريت والأنبار ومناطق عراقية أخرى، نزح آلاف الشباب العراقي إلى إقليم كردستان واستقروا في السليمانية ودهوك وأربيل مع عائلاتهم. هؤلاء الشباب لن يتمكنوا هذا العام من الانتظام في جامعاتهم التي يفرض التنظيم المتشدد سيطرته عليها، كما يفرض منع الاختلاط والدراسة فيها، ولن يستطيعوا نقل أوراقهم والدراسة في جامعات الإقليم التي تدرّس جامعاتها باللغة الكردية. معظم النازحين قرروا ترك الدراسة هذا العام في الجامعة بانتظار صدور قرار من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية باعتبارها سنة «عدم رسوب» للطلاب الذين غادروا المناطق الساخنة، وبعضهم الآخر يأمل أن يجرى التنسيق مع إقليم كردستان حول فتح جامعة عربية في الإقليم لاستيعابهم في الأسبوعين المتبقيين من العطلة الصيفية، لكنّ الكثيرين منهم يدركون صعوبة هذه الخطوة في ضوء الظروف الحالية. ماجد سعد أحد الشباب الذين نزحوا من مدينة تكريت إلى محافظة السليمانية في إقليم كردستان، علماً أنه أنهى قبل النزوح امتحاناته في كلية التربية في جامعة تكريت وكان في انتظار التخرُّج في العام الدراسي الحالي، لكن يبدو أن هذه الخطوة ستُرجأ إلى ما بعد انتهاء الأزمة. يقول سعد: «لست وحدي من سيُحرم من الدراسة هذا العام، فشقيقتاي سمر ومها لن تتمكنا من اكمال دراستهما في المرحلة الإعدادية أيضاً ليس لعدم توافر مكان لهما في الإقليم، فهناك مدارس عربية، لكن لأن والدي هو الآخر يرفض إرسالهما إلى مدرسة بعيدة في المدينة». خطيبة الشاب العشريني التي كانت تدرس في الجامعة ذاتها فقدت هي الأخرى فرصة إكمال الدراسة بعدما نزحت عائلتها إلى مدينة أربيل. «لم نتوقع أن تطول الأزمة إلى هذا الحد، وكنّا على أمل تحرير مدينتنا من التنظيم المتشدد بعد أيام، لكن يبدو أن الأمر سيطول وأن الأمل في مواصلتنا الدراسة بات مفقوداً في ضوء ما يحدث»، يقول سعد. آلاف الشبان والشابات الذين غادروا مدنهم تحت وطأة حكم التنظيمات المتشددة التي فرضت الوصاية على كل شيء في المدن حتى الجامعات سيُحرمون هذا العام من الدراسة، لكن المشكلة التي يخشونها هي أن تطول الأزمة وألا يتمكنوا من إكمال دراستهم الى الأبد. وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية غالباً ما كانت تفاجئ طلاب الجامعات في المناطق التي تمر بظروف صعبة بقرارات تهدف إلى إتاحة فرصة أخرى أمامهم للنجاح. فمثلاً عند اندلاع أزمات امنية في إحدى المدن تسمح لجامعات المدن الأخرى ومنها بغداد باستضافة طلاب المدن الساخنة لعام كامل أو تسمح لهم بأداء الامتحانات في جامعة أخرى، لكن في حال صدور قرار كهذا، فالمستفيدون منه سيكونون أقل بكثير هذا العام. والسبب هو أن أي قرار بهذا الشأن سيصب في مصلحة النازحين إلى المدن والمحافظات العربية ولن يشمل النازحين إلى المنطقة الكردية، وهذا يعني أن النازحين الشباب يحتاجون إلى أكثر من قرار لتنظيم دراستهم، فلو أصدرت الوزارة قراراً باستضافة النازحين إلى المدن الناطقة بالعربية، عليها أن تتخذ قراراً آخر لحل مشكلة الشباب النازحين إلى إقليم كردستان الذي يستخدم اللغة الكردية في الدراسة. وعلى الأقل، يطمح هؤلاء الشباب إلى السماح لهم باستئناف الدراسة بشكل متأخر في حال تحرير مناطقهم من التنظيم المتشدد أو اعتبارها سنة عدم رسوب لهم وعدم حسمها من معدلاتهم النهائية بعد التخرج.