لا يوجد مكان يمكن أن يقصده شباب المناطق الساخنة في العراق، لا سيما في مدن الموصل وتكريت والأنبار وديالى التي يفرض تنظيم داعش المتشدد سيطرته على معظم مناطقها وسيقضي هؤلاء عطلة العيد بكاملها في المنازل. المناطق العامة والمتنزهات لم تعد صالحة للارتياد في تلك المناطق بعدما فرض التنظيم بعض قوانينه التي تقيد السكان وتمنع خروج النساء من المنازل كما تمنع التدخين في الكازينوات والمقاهي ووضع جواسيس في تلك الأماكن للإبلاغ عن كل من يخترق القوانين المعمول بها. ويقول مروان جابر الثلاثيني الذي يقطن أطراف مدينة الموصل: «لا نشعر بفرحة العيد وكل ما سنفعله هو تبادل التهاني وتمني زوال الوضع الراهن عن أم الربيعين، إذ سنفتقد اللمة التي اعتدناها أنا وأصدقائي في مثل هذه المناسبة». الوضع يزداد سوءاً في تلك المناطق يوماً بعد آخر فلا أحد من الشباب يجرؤ على عصيان القوانين التي حرمتهم من أبسط حقوقهم. حتى إن الكثيرين من سكان المدن يمتنعون عن الخروج مع زوجاتهم إلى الأسواق مخافة التعرض لمضايقات عناصر التنظيم الذين يتدخلون في زي المرأة وحجابها ووضعها مساحيق التجميل أيضاً. الشباب الذين هجروا المدن الساخنة حظوا بفرصة أكبر في قضاء العيد في ظروف مختلفة عن اقرانهم الذين يعيشون في المدن ذاتها، فمجرد الابتعاد عن المكان جعلهم أكثر ارتياحاً من هؤلاء الذين اضطروا إلى البقاء في مناطقهم أو اولئك الذين نزحوا إلى مخيمات اللاجئين على حدود إقليم كردستان وعاشوا في ظروف إنسانية صعبة. «هو العيد الاول الذي نقضيه خارج مدينتنا منذ ولادتي. وعلى رغم ذلك فأصدقائي الموجودين داخل المدينة ليسوا أوفر حظاً مني فجميعنا لن يستمتع بهذا العيد» يقول يعقوب سعد الشاب العشريني الذي يقيم في أحد مخيمات النازحين على حدود مدينة أربيل الكردية. ويضيف: «العيد هذا العام يخلو من الأصدقاء الذين تشتتوا بين المدن وبقي بعضهم في الموصل ولا اعلم إن كنا سنعود في العيد المقبل إلى ديارنا او لا». قيلولة المنازل ستطول هذه المرة بعدما قررت الحكومة منح العراقيين عطلة عيد تمتد إسبوعاً كاملاً بدأت منذ يوم أمس الاحد وتستمر حتى الاحد المقبل الموافق الثالث من آب (أغسطس). ولذلك سيكون الشباب أمام خيار واحد هو متابعة برامج التلفزيون والتمتع بوجبات عدة أثناء النهار، لكن حتى هذه المتعة لن تكتمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة والنقص الحاد في الوقود لا سيما في مدينة الموصل. الموصل ستغيب عنها أيضاً الاحتفالات الشبابية المشتركة بين المسلمين والمسيحين التي كانت تجري في الأعوام الماضية بعدما هجرها الأخيرون إثر تهديد تنظيم داعش المتشدد لهم بالقتل في حال لم يسلموا أو يدفعوا الجزية. بهنام اسحاق الشاب المسيحي الذي لم يتجاوز ربيعه الثاني والعشرين والذي غادر الموصل باتجاه أربيل يقول: «كان صديقي يجلب لي كليجة العيد التي تصنعها والدته وتحفظ لي حصتي وتقوم والدتي بدورها بتخصيص حصة له في عيدنا لكن الامر تغير اليوم». ألم النزوح وترك الوطن والحبس في المنازل الساخنة التي تودعها الكهرباء لساعات طويلة هي الظروف التي يعيشها شباب المدن الساخنة في عيد الفطر هذا العام بعدما أنهوا شهر الصيام في وضع مشابه.