استضاف مركز مار يوسف الثقافي في عمّان، عرضَين قدمتهما فرقة أوركسترا فلسطين للشباب التابعة لمعهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، تضمن كلاً منهما ثماني مقطوعات. وقرر المعهد الذي يحتفل بمرور 20 سنة على تأسيسه وعشر سنوات على تأسيس الأوركسترا، تخصيص أرباح عروض الأوركسترا حتى نهاية هذه السنة، لدعم مدرسة غزة للموسيقى في قطاع غزة. افتُتحت الأمسية التي قادها المايسترو توم هاموند بمشهد «بانكال» من أوبرا «شمشون ودليلة»، للمؤلف الموسيقي كاميل سانت سينس (1835-1921) الزاخرة مقطوعاته بالعناصر الإيقاعية الشرقية خصوصاً المقطوعة المبنية على مقام الحجاز. وضم القسم الثاني من الحفلة، مقطوعات من السيمفونية الخامسة لبيتهوفن (1770-1827) تدفقت فيها الجمل الموسيقية الدرامية، طارحةً معانيها فضاءاتٍ إنسانية مشبعة بالعاطفة وهي تنتقل بالمتلقي من عوالم الظلمات والقتامة إلى عوالم النور والضياء. وأحال القسم الثالث المستمعين إلى التواصل مع أجواء كرنفالية لمقطوعات من تأليف هيكتور بيرليوز (1803-1869) مأخوذة من مقدمة الكرنفال الروماني، والتي تُعلي فيها الألحانُ الموسيقية الحب قيمةً عليا لا يدنو من رفعتها شيء. أما القسم الرابع، فحضرت فيه صنعة الإتقان للبدايات والنهايات الإيقاعية المتسارعة في صعودها وهبوطها الدرامي، في مقطوعات موسيقية من مؤلفات سلفادور عرنيطة (1914-1984). وحملت مقطوعات القسم الخامس عنوان «غزة»، وهي من تأليف سهيل خوري المولود في عام 1963، وهيمنت عليها ثيم الصراع، وتوتر الجمل الموسيقية التصويرية، مع سطوة الألحان الغليظة المنبثقة من الآلات النحاسية. وكشفت مقطوعات القسم السادس لمؤلفها كلاوس بيدلت (من مواليد 1967)، عن فيض من الإثارة والحركة والمغامرة في مسار الإيقاعات الموسيقية التصويرية، والتي تجاور وتحاكي موسيقى فيلم «قراصنة الكاريبي – اللؤلؤة السوداء» للمؤلف نفسه. وانتقل التواصل في القسم السابع إلى أجواء حميمية، بمشاركة ريم تلحمي التي غنّت «زهرة المدائن» للسيدة فيروز، من كلمات وألحان الأخوين رحباني، عاصي (1923-1986)، ومنصور (1925-2009). وحضر التفاعل مع تلحمي والجوقة المرافقة لها، بإصغاء الجمهور، وانجذابه الى الألحان وصوت الغناء والمعاني المعبّرة للكلمات التي تصف مدينة القدس وتستحضر تاريخها. وفي الفقرة الأخيرة، أعاد عازف الكلارينيت محمد نجم، ضمن الأوركسترا بقيادة هاموند، مقطوعة للفنان كنان العظمة (مواليد 1976)، بعنوان «22 من نوفمبر»، كان قدمها قبل عام في حفلة للأوركسترا في جبل القلعة في عمّان، جامعاً فيها بين التأليف والارتجال. وفي أدائه على آلته منفرداً تارة، ومشاركاً العازفين على آلات الأوركسترا تارة أخرى، أشعل نجم بألحانه حنيناً جارفاً للحارات الدمشقية القديمة؛ حيث وطنه. وكانت الخاتمة مع ريم تلحمي التي أنشدت «موطني» لإبراهيم طوقان، بمشاركة الجمهور الذي غنّى وردّد الكلمات معها وقوفاً. عرضا الأوركسترا الأخيران في عمّان، قدما بالتعاون مع جمعية أصدقاء مهرجانات الأردن، والمعهد الوطني للموسيقى في عمّان، ومسرح البلد وأورانج ريد، وأشرف على تدريبات المشاركين فيها المايسترو العالمي توم هاموند ومجموعة من الأساتذة من النروج وبريطانيا. وبلغ عدد المشاركين ستة وثمانين عازفاً وعازفة من فلسطينيي الأرض المحتلة والشتات، إضافة إلى مشاركة موسيقيين شباب من مصر، وسورية والأردن وإيطاليا وإسبانيا وكوستاريكا وأذربيجان، عزفوا على إحدى وثمانين آلة موسيقية، توزعت ما بين الكمان والفيولا والتشيلو والكونترا باص والفلوت والكلارينت والأ أوبو والباسون والفرنش هورن والترمت والتربون والتوبا والإيقاع والبيانو.