أحيت أوركسترا فلسطين للشباب ثلاث حفلات في الأردن، اثنتان في عمّان، والثالثة في قاعة المؤتمرات بالبحر الميت، بالتعاون مع جمعية أصدقاء هشاشة العظام الأردنية، وذلك بعدما أنهت الأوركسترا جولة فنية في إيطاليا أواخر آب (أغسطس) الماضي، بتنظيم من معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى وجامعة بير زيت، أقامت خلالها حفلات في أكاديمية «سانتا شيشيليا» الموسيقية العريقة بروما، ومدينة جنوة شمالاً، وبرافيللو جنوباً. في حفلها بمسرح مركز الحسين الثقافي، ائتلفت الأوركسترا من مجموعة آلات وترية قوسية (الكمان الأول، والكمان الثاني، والفيولا، والفيولنسيل، والكونترباص)، ومجموعة آلات هوائية (الفلوت، والكلارينيت، والفاجوت)، ومجموعة آلات هوائية نحاسية (الهورن والترومبيت)، ومجموعة آلات إيقاعية. واتشح العازفون بالكوفية العربية السوداء، ضمن الملابس الرسمية للأوكسترا. وقُدّمت في الحفلة التي قادها المايسترو توم هاموند، مقطوعات من سيمفونيات لبيتهوفن ورايمسكي، وأستاذ الكلارنيت محمد نجم، والموسيقي السوري كنان العظمة. وشاركت السوبرانو ديما البواب بأغنيتين: «أغنية للقمر» من أوبرا تأليف التشيكي دفورجاك، و «فتيات قاديس الإسبانية» لليو ديلبس. بدأت الحفلة بالحركات الأربع لسيمفونية بيتهوفن الثامنة، المختلفة في بنائها الداخلي وأسلوب تناميها، متضمنةً قطعةً موسيقية طويلة نسبياً، شهدت توتراً في مطلعها أفضى إلى أجواء الصراع، قبل أن تنتهي بألحان مفعمة بالأمل. وقدم عازف الكلارينيت محمد نجم مقطوعة للفنان العظمة «22 من نوفمبر»، جمعت التأليف والارتجال. وفي أدائه على آلته منفرداً تارة، ومشاركاً العازفين على آلات الفرقة تارة أخرى، استعاد نجم أصوات الدكاكين في حارات دمشق القديمة، وفق إيقاع ثابت وبطيء للحياة آنذاك، على رغم الحالة النفسية المتوترة لعظمة والتي برزت في تنوع جمله النغمية. أما مقطوعة «كبريسيو أسبانيول»، لكورساكوف لتؤدّى بالكمان منفرداً وفق تصور فانتازي للرقص في إسبانيا التي ألهمته، فقد برع هاموند في تقديمها بالآلات الوترية فقط، إذ فاضت الألحان بإيقاعات الفلامنكو السريعة والرشيقة. وحلّقت السوبرانو ديما بواب، في فضاء جماليات الصوت. وفي مقطوعة دفورجاك التي تخبر عن حكاية ابنة جنّي يحكم بحيرة، ترجو القمر عبر غنائها أن يخبر حبيبها البشري بحبها له، قبل أن تضحّي بصوتها لتتحول بشرية تعيش حياتها معه. واختتمت الأوركسترا هذه الفقرة بألحان النشيد الوطني الفلسطيني «موطني»، الذي وقف الجمهور ليشاركها غناءه. تضم أوركسترا فلسطين للشباب نحو ثمانين شاباً وشابة تتراوح أعمارهم بين 14 و26 سنة، منهم 60 من الضفة الغربية ومن الأراضي المحتلة عام 1948، والآخرون من دول عربية وغربية. وتأسست الأوركسترا عام 2004 كأحد مشاريع معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، في إشراف قائدة الأوركسترا الألمانية آنا صوفي برونينغ، إذ قدمت أول عروضها تحت راية المايسترو العالمي دانييل بارينباوم في حفلة خاصة احتضنتها قاعة مدرسة «الفرندز» في رام الله. وفي سياق متصل، تبنى مجلس أمناء جامعة بيرزيت عام 1993، فكرة تأسيس المعهد الوطني للموسيقى تحت مظلته، وعيّن مجلس إدارة له. وفي عام 2004، وتقديراً من المعهد للدور الثقافي والإنساني للراحل إدوارد سعيد، الذي كان عضواً فخرياً في المجلس، اتخذ المعهد اسم «معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى». تواصل الأوركسترا عروضها في الأردن للسنة التاسعة على التوالي. وقدم المعهد ثماني أسطوانات، هي «الفوانيس» من ألحان سهيل خوري وكلمات وسيم الكردي وغناء وأداء أطفال جوقة شمس بقيادة هانية سوداح، و «القدس بعد منتصف الليل» من تأليف سهيل خوري وتوزيع عازف العود أحمد الخطيب (2009)، و «إلى متى» من كلمات وتلحين وعزف بيانو ريما ناصر ترزي وصوت السوبرانو تانيا تماري ناصر (2006)، و «صدى» التي ضمت العمل المنفرد الأول لعازف العود الفلسطيني أحمد الخطيب (2002)، و «بس شوي» من تأليف مجموعة شعراء فلسطينيين وألحان الموسيقي سهيل خوري (2003)، و «أصداء فلسطينية» التي تضمنت عدداً متنوعاً من القطع الموسيقية التي تعرض طيفاً من الإنتاج الموسيقي لفرق موسيقية وموسيقيين فلسطينيين في الوطن والشتات قدموا إنتاجهم الموسيقي منذ العام 1980 (2001)، و «كرلمة»، وهي الإنتاج الثاني للمعهد الذي حمل اسم الفرقة التي تألفت من أساتذة القسمين الشرقي والغربي في المعهد (2001)، و «أم الخلخال» لفرقة الموسيقى الشرقية التي مثلت أول أسطوانة تصدرها وحدة الإنتاج في المعهد، كنتاج إبداع جماعي لأساتذة المعهد في القسم الشرقي (2000).