تنهمك مقاطعة كيبيك الكندية في التحضير لانتحابات مبكّرة تجرى في 4 ايلول (سبتمبر) المقبل. وتنشط الأحزاب في الإعلان عن برامجها ومرشحيها وتكثيف جولاتها الانتحابية والتنافس على استمالة المجموعات الثقافية والاتنية. وليست المرأة العربية بعيدة من هذا الاستحقاق الانتخابي. فترشيحها ينطلق من اعتبارين رئيسين يتمثل أحدهما في حضور جالية عربية كبيرة لها همومها ومصالحها وقضاياها وتزايد أعدادها عاماً بعد آخر، ويعود الثاني إلى الاجواء الديموقراطية والحقوق المدنية التي يوفرها النظام الانتخابي الكيبيكي لأي مواطن بصرف النظر عن اعتبارات الجنس أو العرق أو الدين أو الثقافة. وفي ظلّ هذه الاجواء «المثالية»، قرّر بعض النسوة اقتحام المشهد الانتخابي وكسر حاجز الخوف وتحطيم عقدة الدونية والعزلة والتهميش الاجتماعي والتصميم على اثبات حضورهن في لوائح الاحزاب الكيبيكية وبناء قواعد شعبية بمعزل عن حسابات الربح والخسارة. بدايات مشجعة ثلاث مرشحات كنديات من أصول عربية، يخضن هذه الانتخابات، على أمل الوصول إلى سُدّة البرلمان. وتأتي في طليعتهن فاطمة هدى بيبان (من أصل مغربي – ومرشحة عن الحزب الليبرالي)، حائزة شهادات جامعية في العلوم السياسية والعلاقات الدولية وعلم المكتبات والمعلوماتية وباحثة في العلوم الاجتماعية. وتدرّجت في الشأن العام من انتخابها عضواً في بلدية مونتريال، وترقيتها إلى منصب نائب الرئيس وانتخابها لأول مرة نائباً في الجمعية الوطنية (البرلمان) عام 1994 وإعادة انتخابها لثلاث دورات متتالية. وتقول إنها ستحقق فوزاً رابعاً في هذه الدورة أيضاً. وتعزو بيبان هذه النجاحات المستمرة إلى «حرصها المتواصل على بناء الجسور مع المجموعات الثقافية العربية وغير العربية والتفاعل معها ومساندة قضاياها الاغترابية والوطنية»، وترى أن «التمسك بهذه المعايير الانتخابية سيحقق لها فوزاً رابعاً». أما جميلة بن حبيب، الجزائرية الاصل، التي تخوض الانتخابات لأول مرة على لائحة الحزب الكبيكي، فاستطاعت جمع رصيد كبير من الكفاءات العلمية والمهنية، فهي حائزة ديبلوم دراسات عليا في علوم الفيزياء وماجستير في العلوم السياسية والحقوق الدولية. كما انها باحثة في علم الطاقة والمواد وناشطة في مجالات الاعلام والهجرة والجنسية الكندية. أمّا برنامجها الانتخابي فيقوم «على تعزيز مبدأ العلمنة والمساواة بين المرأة والرجل والدفاع عن قضايا المرأة عموماً وحقوق المرأة العربية بخاصة». والمرشحة الثالثة كارلا الغندور، من أصل لبناني، هي الأصغر سنّاً (31 عاماً)، والأحدث عهداً في كندا (مقيمة منذ 2005)، والأقل خبرة في الشأن السياسي. تحمل إجازة في علم النفس من جامعة الكسليك في لبنان وماجستير في التربية من جامعة (أوكام) في مونتريال. وتتولى حالياً تعليم اللغة الانكليزية في المدارس الثانوية. وعلى رغم ضآلة رصيدها العلمي والمهني قياساً بزميلتيها المغربية والجزائرية، إلاّ أن موقعها في التعليم والاحتكاك المتواصل مع أهالي الطلاب ومعالجة مشاكلهم الدراسية، يُشكّلان ركيزة يمكن أن تبني عليها في دورات لاحقة بصرف النظر عن امكانات النجاح او الفشل. تخوض كارلا معركتها الانتخابية على لائحة «حزب التحالف لمستقبل كيبيك»، الذي لا يتعدى عمره سبعة أشهر. وهو تجمّع من سياسيين وحزبيين ونواب ووزراء سابقين تخلّوا عن الحزبين الليبرالي والكيبيكي. وعن الدوافع التي شجعت كارلا للترشح على لائحته، تقول: «يتميز الحزب بالتجدد وحتمية التغيير والوسطية. والتحالف لا يضع شروطاً مسبقة على المرشح كأن يكون عضواً فيه ويكفي أن يقدّم طلباً إلى لجنة الحزب ويخضع لمقابلة يتقرر على ضوئها قبوله أو رفضه. ويترك الحزب للمرشح أن يختار الدائرة التي يتوسّم فيها حظوظ النجاح، على أن يقدّم مقابل ذلك مبلغاً يتراوح بين 10 و25 الف دولار لتسديد نفقات حملته الانتخابية. وتشدّد كارلا في حملتها الانتخابية على قضايا حيوية عدّة. وتعتبر أن المرأة اللبنانية المهاجرة بعيدة من الشأن العام ودورها في المجتمع الكندي محدود جداً وليست لديها قناعة بوطنها الثاني كندا. وقلّما تشارك في أي استحقاق بلدي أو برلماني، وتركّز بشكل اساسي على ظاهرة الرسوب المدرسي وآثاره الاجتماعية والاقتصادية. وتختصر كارلا تجربتها بالقول انها «تجسد في نفسي حبّ الطموح والمغامرة، وتمنحني الجرأة والخبرة والانفتاح والأمل في تأسيس لوبي نسائي اغترابي فاعل».