كشف الأمين العام لجمعية إبصار الخيرية محمد بلو عن استغلال بعض مؤسسات القطاع الخاص للمعوقين من خلال توظيفهم وهمياً في بعض الوظائف لتحقيق «السعودة». واعتبر في حديث مع «الحياة» أن هذه العملية تعد استغلالاً لهم، ودلالة على تدني الحس الإنساني والوطني لدى أصحاب هذه المؤسسات، موضحاً أنه يوجد كم كبير من الحقوق المحفوظة للمكفوفين إلا أنها مشتتة بين الوزارات والمؤسسات الحكومية ... وفي ما يلي نص الحوار. ما هو الأثر التنموي الذي أسهمت جمعية إبصار بتحقيقه في المملكة العربية السعودية منذ نشأتها؟ - لو نظرنا لما قدمته الجمعية منذ تأسيسها، أي قبل ثمانية أعوام، نجد أنه استفاد من خدماتها ما يعادل 4450 معوقاً بصرياً من برامج التدريب وإعادة التأهيل، و1656 مختصاً في مجال العناية بضعف البصر والتربية الخاصة، إضافة إلى تقديم مساعدات خيرية متنوعة للعديد من المحتاجين من رواد الجمعية تجاوزت قيمتها في العام 1432ه، مليوني ريال. كما أسهمت الجمعية بشكل كبير في نشر الوعي بأهمية العناية بالعوق البصري من منظور اقتصادي واجتماعي في آن واحد الأمر الذي أدى إلى زيادة عدد شركات القطاع الخاص التي تعمل في مجال الأجهزة والمعدات التعويضية الخاصة بالإعاقة البصرية، وتشجيع الخيرين في عدد من مناطق السعودية لإنشاء وتخصيص جمعيات خيرية تعمل على تأهيل ذوي الإعاقة البصرية، إضافة إلى تشجيع القطاع الخاص لفتح فرص وظيفية للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية وتدريبهم. وعلى سبيل المثال في العام 1426ه، تم إطلاق برنامج عمل مشترك باسم (إبصار- صافولا) لإعادة تأهيل وتوظيف المعوقين بصرياً، وقد استفاد من البرنامج 32 معوقاً بصرياً، وفي العام 1428ه، استفاد منه 19 معاقاً بصرياً، وقد شجع هذا البرنامج عدداً من الشركات على استنساخ الفكرة، علما أن المعوقين بصرياً دأبوا على العمل في مجالات التعليم والسنترالات والمساجد واليوم نشهد تنوعاً في برامج التوظيف، علاوة على تطوير الخدمات والتقنيات المساندة التعليمية في بعض الجهات التعليمية مثل جامعة الملك عبد العزيز للبنات، والأهم من ذلك كله دعم تعليم وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية من خلال حملة دعم تعليم وتأهيل ذوي الإعاقة البصرية التي أطلقت في اجتماع الجمعية العمومية العادي السابع 10/06/1431ه الموافق24/05/2010، برعاية الرئيس الفخري للجمعية الأمير طلال بن عبد العزيز. في ظل ما أشرتم إليه من برامج التوظيف والتدريب، ما هو دور وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل في دعم هذا البرنامج، وهل بالإمكان استفادة الجمعيات الخيرية الأخرى من هذا الدور؟ - قامت وزارة الشؤون الاجتماعية بمباركة وتأييد هذه الخطوة، وعملت على تلبية طلب الجمعية بترشيح خريجي مراكز التأهيل الشامل بمنطقة مكةالمكرمة الذين لم يحصلوا على فرصة عمل، وعموم المعوقين بصرياً من المحتاجين الذين يتقدمون للوزارة لطلب المساعدة وليس لديهم أعمال لإدراجهم في البرنامج، مع المحافظة على الإعانات الممنوحة لذوي الإعاقة البصرية كحافز لهم للانخراط في العمل دون الخوف من فقدان الإعانة وكدعم لرواتبهم لمواجهة مصروفاتهم. كما باركت وزارة العمل البرنامج، وتقوم حالياً بدراسة إدراجه ضمن خطة برنامج «توافق» الذي يضم عددا من الخبراء والمختصين والشخصيات برئاسة وزير العمل لدراسة تشجيع وزيادة توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة وحث المجموعات التجارية الكبرى لإيجاد مشاريع مشابهة ، واعتقد أن بإمكان الجمعيات الأخرى سواء المتخصصة في الإعاقة البصرية، أو الإعاقات الأخرى تنفيذ مشاريع مشابهة من خلال عقود توظيف مع الشركات الكبيرة، والتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية وبرنامج «توافق» للحصول على الدعم المطلوب. ما هو تقويمكم لدور وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة العمل في دعم جمعيتكم والجمعيات الخيرية الأخرى؟ - وزارة الشؤون الاجتماعية تقوم بجهد كبير لدعم الجمعيات الخيرية مادياً وإدارياً وتقديم كافة السبل لإنجاح الجمعيات وجمعية إبصار كإحدى الجمعيات الخيرية تحصل على دعم يتراوح ما بين 20 إلى 25 في المئة من إجمالي موازنتها، إضافة إلى الدعم المعنوي والإداري في الجوانب النظامية، وتسهيل أمور الجمعيات عند حاجتها من خدمات لدى الدوائر الحكومية الأخرى، أما ما يتعلق بوزارة العمل فالوزارة تدعم الجمعيات الخيرية بشكل غير مباشر، وذلك من خلال دعم البرامج التي قد يستفيد منها المعوقون بقطاع التدريب. ونلاحظ في وزارة العمل استحداثاً للمجلس التوجيهي لتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة، والذي يستهدف تشجيع إيجاد فرص وظيفية للمعوقين بأكبر قدر ممكن، وذلك بإيجاد أنظمة جعلت القطاع الخاص يوفر وظائف للمعوقين من خلال برنامج نطاقات وغيره من البرامج، وادعوا من خلال هذه الإجابة إلى أهمية إيجاد أدوات تعود لربط هاتين الجهتين (وزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية) لكي يستفيد منها المعوق كما يجب، لأنه بعد انفصال وزارة العمل عن وزارة الشؤون الاجتماعية أصبح هناك بعض الثغرات، وعلى سبيل المثال فالمجلس التوجيهي لتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة يعمل جاهداً لإعادة ربط وتوفير كافة سبل المدعمات التي تمكن الجمعيات والمؤسسات الخيرية لكي تستفيد من الفرص المتاحة لدى وزارة العمل وذلك لتعود الفائدة على هذه الجمعيات الخيرية. كما أتمنى في القريب العاجل أن تكون برامج التأهيل والتدريب التي تقدمها الجمعيات الخيرية تصبح بآليات تدعمها وزارة العمل أسوة بتلك البرامج المدعومة من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، والأخذ ببرامج تأهيل تلك الجمعيات الخيرية واعتمادها دون الحاجة إلى أن تكون هناك معاهد خاصة لوضع التقنين لبرامج الجمعيات. واقترح أن يتم تطوير دعم الوزارة بحيث لا يقل عن 35 في المئة من إجمالي موازنة الجمعية، وأن تتحمل نفقة التأمينات الاجتماعية على الموظفين السعوديين الذين يعملون في الجمعيات الخيرية. كما أدعو وزارة العمل أن تتحمل نسبة ال 11 في المئة التي تدفعها الجمعيات الخيرية عن موظفيها للتأمينات الاجتماعية. هل لمستم استغلالاً للمعوق من قبل مستثمرين؟ - لاحظنا وجود بعض المؤسسات تقوم بتسجيل المعوقين دون علمهم أو إقناعهم بوظائف بأجور منخفضة نظير إعطائهم رواتب دون عمل مقابل وحاجة المعاق تجعله يرضى بهذا العمل، ونأمل أن يوجد برنامج «توافق» قوانين تلزم الذين يوظفون المعوقين بأن يكون الحد الأدنى لرواتبهم لا يقل عن ثلاثة آلاف ريال مع توفير الأجهزة والأدوات المساندة لهم، وأن تمنح الجهات القائمة على خدمتهم حق تقديم الشكاوى والمقترحات لتطوير آليات عمل ذوي الإعاقة، إضافة إلى بث برامج توعية مكثفة، وأن يستبدل برنامج «توافق» في المنظور البعيد السعودة بأربعة من المعوقين. كما أن هناك نقصاً في الوعي لدى بعض القطاعات الخاصة أو ضعف الحس الإنساني والوطني لدى بعض المؤسسات التي تقوم باستغلال المعوقين لتلبية جانب نسب السعودة والمتاجرة بالمعاقين، وذلك من خلال إعطائهم مرتبات بسيطة جدا بمجرد تسجيلهم في نظام السعودة، أي سعودة وهمية. وبدأنا نلمس «السعودة الوهمية» في توظيف المعوقين من خلال تعاوننا بعقود تدريب وتوظيف مع بعض القطاعات التجارية الكبيرة، واكتشفنا أن هناك بعض الحالات المسجلة لدى التأمينات الاجتماعية من قبل بعض المؤسسات الصغيرة وفي بعض الأحيان يصل الأمر إلى أن يكون المعوق مسجلاً لدى التأمينات الاجتماعية من قبل مؤسسة من دون علمه. ولابد من معالجة هذه الثغرات وتطوير آليات نظامية وقانونية لمعالجة هذا الأمر بشكل عاجل، ويجب على الجهات المعنية تغريم من يقوم بهذا العمل، وتدفع قيمة الغرامة للمعوق الذي تم استغلاله، ونحن واجهنا مثل هذه الحالات، وقمنا برفع شكاوى ضد هذه المؤسسات ولكن مجرى الشكوى يأخذ مجرى بطيئاً جداً والمعوق متضرر وتفوته فرصة العمل بسبب تأخير مجرى القضايا ، مع الحد الأدنى الذي يلزم التعويض لما ترتب عليه من إضرار تسجيل المعوق الوهمي من قبل صاحب العمل. ومثل هذه الحالات نجدها في نوع واحد من الإعاقة وهي الإعاقة البصرية فما بالك بالإعاقات الأخرى فالأمر يجب أن يحل بشكل عاجل، ولكن بفضل الله ثم بفضل وزارة العمل سيكون على المنظور البعيد هناك حد بشكل تدريجي من هذه الظاهرة. هل تمت معالجة مشكلة مصاحف برايل في الجمعية؟ - مشكلة شح مصاحف «برايل» التي يستخدمها مستفيدو الجمعية لا زالت مستمرة ولم نلمس أي توجه لحل هذه المشكلة ذات الأبعاد الثلاثة مابين مطابع الأمانة العامة للتربية الخاصة ووزارة الشؤون الاجتماعية وكذلك مطبعة الملك فهد , ونحن في الجمعية نشعر بإحراج كبير وذلك لذيع صيت جمعيتنا واشتهارها مع عدم استطاعتنا لتلبية حاجات المستفيدين من الجمعية في شأن المصاحف . ورغم أن حكومة خادم الحرمين الشريفين يحفظها الله لم تأل جهداً في توفير التجهيزات لطباعة مصاحف برايل التي وضحها الموقع الإلكتروني ومنها أجهزة إدخال المعلومات وأجهزة حاسوب لتحليل المعلومات وترجمتها من الخط العادي إلى خط برايل، إضافة إلى الطابعات المخصصة والأجهزة الأخرى، وذلك مؤشر على الاهتمام بهذه الفئة على مستوى العالم يعكس الدور المنوط بالجهات المسؤولة عن طباعة هذه المصاحف والتي وضعت بها الحكومة الرشيدة كامل ثقتها في نشر القرآن الكريم للمبصرين وفاقدي نعمة البصر، إلا أن عدم وجود آلية واضحة في التواصل مع الجهات الراغبة في المصاحف وكذلك عدم الرد على الاتصالات الهاتفية يشير إلى قلة العناية و قلة المعلومات عن كيفية الحصول على المصاحف وآلية تسليمها لمن يعانون فقدان البصر.