تُعتبر ميانمار، لجهة الامتداد السطحي، الدولة الأكبر في شبه جزيرة الهند الصينية، على رغم أنها جغرافياً أصغر حجماً من الصين. ولا شك في ان حكومة ميانمار تمتلك أوراق إستراتيجية رابحة تخولها خوض أعمال تجارية ضخمة مع المستثمرين الأجانب، إذ لديها النفط والغاز الطبيعي والصناعة المعدنية المربحة، مثل الذهب والنحاس والزنك والكربون، والأحجار الكريمة، والأخشاب، إلى جانب المنتجات الزراعية مثل الرز والسمسم. وبالنسبة إلى المستثمرين السويسريين في الأسواق الآسيوية، فيرون في ميانمار ما حصل في الصين قبل 30 عاماً عندما بدأت الأسواق الصينية تنفتح على الخارج. ويرى خبراء سويسريون ان التشابك الحالي الحاصل بين الثروات الطبيعية الأولية لميانمار والمشاريع الكبرى المتعلقة بالبنية التحتية هناك، والخاصة ببناء أنابيب غاز ومناطق صناعية حديثة ومطارات وموانئ وطُرق وسكك حديد لوصل ميانمار بالصين، ستوقظ اهتمام المستثمرين الدوليين. ويرصد المراقبون حالياً تدفق الأموال إلى ميانمار من الصين وسنغافورة وتايلاند وكوريا الجنوبية، إضافة إلى تدفق ملايين الدولارات من دول الجنات الضريبية ومن ضمنها هونغ كونغ وسويسرا. وفي ما يتعلق بالشركات السويسرية، التي تنظر بشغف إلى آسيا، يمكن القول بأن ميانمار ستكون بمثابة فرصة ذهبية لها بسبب كلفة العمل المتدنية والبنية اللوجستية المتوافرة وسهولة التوغل داخل أنسجة صناعية تنافسية لإنتاج الملابس والأحذية والمفروشات. يُذكر ان هكذا أنسجة إنتاجية يديرها أصحاب عمل محليون يعملون لصالح شركات صينية وتايلندية وكورية جنوبية، ما يعني ان معظم النشاطات ليست إلا عمليات إعادة تصدير إلى أسواق آسيوية أخرى. وبعد انحسار العقوبات الغربية عن ميانمار، بدأ المستثمرون الأوروبيون يستعدون لاستقطاب أصحاب العمال في ميانمار لإقناعهم بتخفيف صادراتهم نحو الأسواق الآسيوية الأخرى، والتفرغ لمتطلباتهم الغربية. وأكد خبراء تجاريون في سويسرا ان اهتمام دولتهم في إقامة أعمال مباشرة في ميانمار سيحتاج بعض الوقت، إذ ستكون هذه الأعمال على شكل تحالف ودي بين شركات سويسرية وأخرى من ميانمار، خصوصاً في صناعة الأحجار الكريمة والأخشاب الفاخرة. ويقدر خبراء حجم هذه الأعمال خلال العام المقبل بنحو 1.2 بليون فرنك (نحو 1.22 بليون دولار). ومن اللافت ان تخطيط حكومة ميانمار لتقوية حركة النقل على السكك الحديد، أي بناء شبكة سكك حديد جديدة ومتطورة، تُغري شركات سويسرية متخصصة. وللاستفادة من شواطئ ميانمار الخلابة بدأ مشغلو الفنادق والمطاعم في سويسرا التفكير في توسيع أعمالهم، المتعثرة محلياً، في ميانمار لتحقيق بعض التوازن في موازناتهم المالية، إذ ان حركة السائحين الآسيويين إلى ميانمار تنتعش باستمرار. وقدّر خبراء المبلغ الذي سيستثمره هؤلاء المشغلون بنحو 745 ألف فرنك سنوياً.