لا شك في أن تسويق الأدوية المزيفة حول العالم معقد جداً، ويدرّ على أصحابه عائدات تقدر بمئات بلايين الدولارات سنوياً. ويمكن الاعتماد على أرقام رسمية تشير إلى حجم هذه العائدات كل ساعة وعلى مدار اليوم حول العالم، لأنها صادرة عن خبراء التسويق السويسريين. ونجح المراقبون حتى الآن في رسم خط تسويق لهذه الأدوية ينطلق من شركة مصنعة مقرها مصر، لينتهي في الولاياتالمتحدة مروراً بسويسرا والدنمارك. وما يدهش الخبراء، التعددية التي تتميز بها المافيا الدولية على الأراضي السويسرية. فإضافة إلى استخدام سويسرا لتبيض الأموال، ها هي حكومة برن تواجه تحدياً آخر، يتمثل في تشعب أعمال المافيا والتجار المتواطئين معها، التي وصلت إلى ملف حساس طبيعته صحية، هو بيع الأدوية المزيفة التي تقتل سنوياً حوالى 700 ألف شخص غالبيتهم مصابون بأمراض سرطانية. ويتعاظم تسويق دواء «أفاستين» المزيف المخصص لمرضى السرطان، الذي يعتبر ثاني قاطرة رئيسة لأعمال شركة «روش» الصيدلانية السويسرية، كونه يدر عليها عائدات تتجاوز 5 بلايين فرنك سويسري سنوياً. وترسو كلفة كل عبوة من عبوات «أفاستين» الأصلي على نحو 2400 دولار. ما يحض الأطباء الأميركيين والأوروبيين والسويسريين، على تفادي شرائه من الوكلاء الرسميين في محاولة منهم لشراء أعداد كبيرة منه بسعر أرخص، من طريق «فخ» نصبه لهم عدد من التجار الكبار، المتفقين على تسهيل تسويق كل ما تنتجه المافيات الدولية من أدوية مزيفة لا تحتوي على المادة الفاعلة الضرورية للعلاج. ونجد حالياً في سويسرا نحو 360 شركة تدير تسويق الأدوية المستوردة من الخارج، خصوصاً من آسيا وأفريقيا الشمالية. صحيح أن عدد هذه الشركات متواضع مقارنة بما نجده في بعض الدول الأخرى، لكن يبقى صعباً رصد التحركات التجارية «المشبوهة» لهذه الشركات، حتى لو تكلمنا عن دولة مثل سويسرا، ذات مساحة جغرافية متواضعة. ويشير المراقبون إلى أن العلاقة الوثيقة التي تجمع إنتاج الأدوية المزيفة والمنظمات الإجرامية تحت سقف واحد، لا تعرف الأزمات المالية. لا بل أن تسويق الأدوية المزيفة أم تلك التي تحتوي على مخدرات، والتي لا يمكن تمييزها بسهولة، ستتجاوز قيمته في السنوات الخمس المقبلة، أسواق الكوكايين والهيرويين. ففي العام الماضي، جنت المافيات الدولية من بيع المخدرات الكلاسيكية ما لا يقل عن 50 بليون دولار، بعد احتساب الخسائر المتعلقة بضبط جزء منها. لكن للمرة الأولى منذ سنوات، تجاوزت قيمة تسويق الأدوية المزيفة أم تلك التي تحتوي على مخدرات حول العالم، 66 بليون دولار. ولا يستبعد الخبراء السويسريون أن تتخطى هذه القيمة حاجز مئة بليون فرنك سويسري. وتوجد الأدوية المزيفة في شكل متواضع في سويسرا. إذ تستأثر بنحو 2 في المئة من السوق الصيدلانية المحلية. في حين تقفز هذه الحصة إلى 20 في المئة في بعض الأسواق الأوروبية، والى أكثر من 35 في المئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.