يحتاج المشاهد فسحة زمنية أوسع من أيام رمضان كي يتمكن من مشاهدة ما يروق له من مسلسلات الدراما التي تعرضها القنوات الفضائية العربية. ثمة ازدحام بات تقليدياً نعيشه كلَّ سنة، حتى أن لقطات الدعاية لكل مسلسل تبدو هي ذاتها تلهث، ويصعب على المشاهد اللحاق بها والتعرُف من خلال لقطاتها القليلة والسريعة إلى العمل. فكرة تأجيل عرض المسلسلات المهمة إلى الشهور الأخرى تبدو شبه مستحيلة، فالجميع يتسابقون على شهر الصوم باعتباره شهر المشاهدة الأغزر والذي يمنح المسلسل جمهوراً يرونه خاصاً وأكثر اهتماماً. مع ذلك فالدراما التي تعيش هذا الازدحام كلَّ سنة تتأثر وإن بدرجات متفاوتة بهذه الحالة: لا يستطيع أيُ مكابر أن ينكر ما تساهم به الحالة في تعزيز ما ندعوه عادة «دراما رمضان»، والتي تساهم في تعزيز «نمط الإنتاج الدرامي الرمضاني» وسماته الأبرز السرعة، بل التسرُع، إلى حد مواصلة التصوير والمونتاج خلال أيام العرض الرمضانية. تلك الحالة نعيشها منذ ما يزيد على عقدين، أي أننا نفاجأ كلَ سنة بالجهات الإنتاجية وكأنه يأتيها شهر رمضان «على حين غرّة»، فنراها لا تقلع في البدء بتصوير أعمالها إلا في فترة متأخرة كثيراً، أي قبل بدء الشهر بقليل ما يجعلها تكرّر سنوياً أزمة لهاثها من أجل اللحاق بالتصوير والمونتاج. في حالتي تأخُّر التصوير، ثم ازدحام الشاشات بالأعمال تخسر الدراما كثيراً من جدّيتها ومن جمهور مشاهديها المفترضين. هي صناعة بكل معنى الكلمة، ولأنها كذلك تحتاج أن تكون كأية صناعة أخرى ذات خريطة إنتاج واضحة ومحدّدة، تعرف مواعيدها ولا تقع في المصادفات. أما ازدحامها الشديد خلال أيام الشهر فتبدو لنا أزمة عصيّة على الحل خصوصاً أن موسم رمضان قد كرّس في أذهان الجميع منتجين ومشاهدين فكرة أن ما لا يعرض في رمضان هو أعمال من الدرجة الثانية، على ما في تلك الفكرة من مجانبة للحقيقة، فمسلسلات كثيرة قد لا تجد حظاً للعرض في رمضان لأسباب لا تتعلّق بالجودة بمقدار تعلُقها بالعلاقات العامة، ومهارات التسويق وما إلى ذلك من أسباب مشابهة. في الأحوال كلّها يبدو أننا نضطر كل مرة لانتظار «الإعادات»، أي العروض الثانية لما فاتنا في رمضان، خصوصاً أنه كالعادة العدد الأكبر.