تزدان سفرة الإفطار الرمضانية بأطباق السمبوسة والكنافة والقطائف وسواها، ويقف صحن البليلة غير بعيد منها، فهو وإن ظل يُقدَّم على استحياء في أشهر السنة إلا أنه يحتل مكانة بارزة طوال الشهر الكريم، ويتحول بائعو البليلة في شوارع المدن السعودية بعرباتهم اللافتة إلى مظهر آخر من مظاهر رمضان يزيد من بهجته ويفتح شهية العابرين. وفي جدة، يتجمع عدد كبير من الباعة على مختلف طرقات المدينة وقد تزينت عرباتهم بمختلف الإضاءات والفوانيس والأجراس لجذب الزبائن ولفت انتباه المارة وتقديمها بالطريقة الحجازية، بعد إضافة عدد من المقادير المنوعة عليها، وفي أوعية مخصصة تزيد من لذتها في شهر رمضان. ويدفع بائع البليلة سمير مصلح عربته بعد صلاة المغرب إلى حي غليل جنوبجدة، وقد وضع كل ما يخص الوجبة الرمضانية فوق العربة وأضاء فوانيسها وحرك أجراسها وأخذ ينادي بأعلى صوته: «بليلة بلبلوكي وبالبيت سلقوكي وعلى غليل جابوكي». ويقول مصلح: «أحاول رفع صوتي بهذه الكلمات وأحيانا أستخدم المايكروفون لجذب الزبائن وتقديم البليلة في صحون خاصة تعوّد عليها الزائرون». وعن طريقة إعدادها يشرح مصلح: «تتكون البليلة من الحمص اليابس أو المعلب، وكربونات وزيت الزيتون، ويسلق الحمص مع ثوم مهروس وملح وليمون على نار مرتفعة وعندما يغلي يُترك مغطى على نار هادئة لمدة ساعة، ثم يصفى من الماء وينقل في القدر المخصص». ويضيف: «عند تقديمها نظيفاً عليها الذرة والمخلل والكمون والخل والصنوبر والشطة ثم تقدم للزبون». وعن إجادته إعداد البليلة يقول سمير مصلح: «تساعدني والدتي في المنزل على صنعها، وقد تعلمتها منها لكنني أصبحت الآن أصنعها بنفسي وأبيعها أيضاً». ويختلف سعر صحن البليلة الواحد تبعاً لحجمه، فالصحن الصغير -بحسب مصلح- يباع بريالين، والمتوسط والوسط بخمسة ريالات والكبير بسبعة ريالات. ويعترف سمير بأنه يبيع البليلة في رمضان ووقت الإجازات فقط، نظراًَ لكونه طالباً في الجامعة، وهو ببيع البليلة يحاول أن يتدبر مصروفه بنفسه، من دون أن يثقل على كاهل والده. ويحرص عدد كبير من السعوديين على تناول البليلة في رمضان وخصوصاً بعد صلاة التراويح. ويقول عبدالله الشهري : «أجد أن أكل البليلة في رمضان له مذاق خاص، وأنا أحرص باستمرار على تناولها بعد أداء صلاة التراويح وإحضارها إلى أسرتي في المنزل». و تؤكد ليلى محمد أن البليلة من أسهل الأطعمة إعداداً في رمضان، لكنها لا تفضل شراءها من السوق، بل إعدادها في المنزل مع إضافة بعض المقادير عليها، في حين يصف ياسر الناصر البليلة بأنها «خفيفة» على المعدة وسهلة الهضم، ويقول: «أحاول تناولها في شارع قابل وسط البلد كلما ذهبت إلى هناك». ويضيف: «طعم البليلة في شارع قابل له نكهة خاصة، واصطفاف باعة البليلة يضفي مظهراً من مظاهر رمضان والاحتفاء به، فزينة العربة وبائع البليلة والأزياء التي يرتدونها، تشير إلى الاهتمام بإحياء رمضان بالطريقة الحجازية الفريدة في هذا الشهر الكريم».