حيثما يشيح المرء ببصره في أرجاء قرية البطالية (شرق محافظة الأحساء) سيرى النخيل باسقة أمامه، لذا لم يكن غريباً أن يتخذ حبيب أحمد العويشي، من تصنيع منتجاتها حرفة له. فلقد ارتبط العويشي ،الذي أكمل عقده السادس أخيراً، بالنخلة منذ ولادته. ويلتف العويشي في الركن المُخصص له في القرية الشعبية ضمن مهرجان «صيف الأحساء 2009» (حسانا فله)، المئات من الزوار يومياً، منبهرين بما تنتجه يداه من أقفاص، مستخدماً جريد النخل الرطب، لتشكيلها بعد أن يضعها في الماء لساعات كي تكون «مرنة» وتكمن خبرته في التعرف على جميع أنواع النخيل، بمجرد النظر إلى جريدها. ويقول عن حرفته: «إنها تقوم على صُنع بعض الأدوات، التي كان الناس يحتاجونها في الماضي، كقفص الرطب، وسرير الأطفال (المنز)، ومبخرة الملابس، وكرسي القرآن، وأقفاص للدواجن والطيور وغيرها». حبيب الذي عاد إلى مهنته هذه بعد أن هجرها لسنوات طويلة. وجد نفسه مرتبطاً بها منذ انطلاق «المهرجان الوطني للتراث والثقافة» في الجنادرية. كما شارك في مهرجانات أُقيمت في كل من بريطانيا، واليابان، ومهرجانات محلية أخرى. ويؤكد أن مبيعاته من خلال هذه المهرجانات هي «مصدر رزقي الوحيد». غير بعيد عن دكان القفاص في القرية الشعبية، يقع محل صانع الحلوى، عبد الرحمن الدخيل، والذي لا يرتاح إلا بالقرب من النار الحارة، وبخاصة «إذا رافقها شيء من الحروق واستنشاق رائحة الحلوى» على حد قوله، فحُبه لصناعة الحلوى والأكلات الشعبية على رغم ما فيها من وقوف أمام النار لساعات طويلة، «لا حدود له»، فهذا «العشق» دفعه إلى ترك شركة «أرامكو السعودية»، والتي عمل فيها موظفاً لمدة أربع سنوات، ليعود صانع حلوى، كونها «حرفة كانت قبل نحو ثلاثة عقود، تدر دخلاً ضخماً، يفوق ما كنت استلمه من راتب الشركة». ويمضي عبد الرحمن (53 عاماً) يومه في صناعة الحلوى، والزلابيا، وخبز البيض، والكيك، وستة أنواع من «الكليجة». وميز الدخيل ،الذي يشارك في مهرجان «حسانا فله» لأول مرة، جناحه بإعداد مأكولاته على مرأى من الزوار، مؤكداً أنه يرفض أن يوظف عمالة أجنبية، ويبحث دائماً عن الشباب السعودي. وعزا عودة الكثير من شرائح المجتمع إلى الأكلات الشعبية إلى «السمنة المفرطة ،التي تسببها الوجبات السريعة، وكذلك كثرة حالات التسمم في السنوات الأخيرة، جراء الأكلات ،التي تعدها العمالة الأجنبية في المطاعم». إلى ذلك، نظمت لجنة القرية الشعبية، مسابقة الأطباق الشعبية للمرة الثالثة في المهرجان، بمشاركة 65 متسابقة. ووصل عدد الأطباق المعروضة إلى 80 طبقاً. وانطلقت المسابقة وسط حضور جماهيري كبير. وقامت لجنة التحكيم المكونة من المدير التنفيذي لجهاز التنمية السياحية والآثار في الأحساء علي الحاجي، ومدير وحدة الآثار في الهيئة العامة للسياحة والآثار وليد الحسين، وباحث الآثار خالد أحمد الفريدة، ورئيس لجنة التراث في المهرجان يوسف الخميس، بتذوق جميع الأطباق المشاركة، ومنها «المرقوق»، و«الجريش»، و«الهريس»، و«العصيد»، و«المفلق»، و«اللقيمات»، و«الرز والدجاج المحشي»، و«الودمة»، وبعد التدقيق والرصد حصل طبق «أم بكر الشدي»، والمُشكل من «المرقوق» و«الرز الحساوي» و«البليلة» على المركز الأول، وهي المرة الثانية، التي تفوز فيها أم بكر في مسابقة الأطباق الشعبية خلال المهرجان. وحلت أم عبدالله ثانياً بطبق «كبسة بالربيان والبيض».