لم تضع بعض العوائل، التي تناولت وجبة سحورها على ضوء الشموع، أو القمر، «الرومانسية» ضمن خططها، إذ أجبر انقطاع الكهرباء عن جزيرة تاروت، وتحديداً عن أحياء المنيرة والروضة، على اللجوء إلى الشموع، أو الضوء المتسرب من أعمدة الإنارة في الشوارع. وطال انتظارهم وهم يترقبون عودة التيار الكهربائي، بعد إصلاح الأعطاب الفنية لشركة الكهرباء، التي أجبرتهم على قضاء إحدى ليالي شهر رمضان، في الظلام، وفي أجواء هيمن عليها الحر شديد والرطوبة العالية. وفضل آخرون تناول السحور، على دكك المنازل، أو على أرصفة الحي، وكذلك على أسطح المنازل، وربما بحثاً عن بعض شبكات الإنترنت المفتوحة، على أمل متابعة المسلسلات الرمضانية التي تعرض في هذا الوقت. وتفاجأ عدد من الأسر في جزيرة تاروت، التي يناهز عدد سكانها المئة ألف نسمة، بانقطاع الكهرباء في أوقات السحور الأولى. ما اضطر بعضهم على الخروج من المنازل، هرباً من الظلام الدامس ودرجات الحرارة العالية، التي ساهمت في نفور الناس منها في ظل تزامنها مع الرطوبة العالية، التي شهدتها المنطقة يوم أول من أمس. فيما قام عدد من الأسر، بالتجول بمركباتهم في الحي ذاته، أو الأحياء المجاورة، هرباً من «جحيم الحرارة والرطوبة، بدلاً من البقاء في المنازل». ورصدت «الحياة»، أسراً عدة متضررة، من جراء هذا الانقطاع، أمام منازلهم، في انتظار عودة التيار الكهربائي. فيما وصف أحدهم الوضع ب «السيئ للغاية». وقال موسى عبد العظيم: «أقف هنا منذ أكثر من نصف ساعة. أترقب عودة التيار الكهربائي»، موضحاً «لدي نساء مرضى في المنزل، وأطفال رضع، ولا أستطيع الخروج مع تصاعد حرارة الأجواء، وارتفاع الرطوبة». وذكر جاره علي عباس، أن «انقطاعات التيار الكهربائي المتكررة صادفتنا أكثر من مرة في شهر رمضان الكريم. ولم يكن لنا حيلة ولا قوة. إلا بالاتصال على أرقام الطوارئ التي تعدنا بإصلاح الخلل في أسرع وقت ممكن»، مضيفاً «اتفق الجيران على تقديم خطابات الاعتراض على الانقطاعات المتكررة. لكنني أعرف أنها لن تقدم أو تؤخر شيئاً، خصوصاً أنها متكررة، بل مُستفحلة. وأصبحت كالوباء الذي يخشاه جميع سكان المملكة، من دون استثناء». بدوره، أشار أحد موظفي الشركة السعودية للكهرباء في فرع محافظة القطيف، إلى أن سبب الانقطاع يعود إلى «الأحمال الزائدة، ما ساهم في تعطل أحد المغذيات في جزيرة تاروت». وتأتي هذه الانقطاعات بعد أن شهدت مدن وأحياء في المنطقة الشرقية انقطاعات متكررة في الكهرباء، خلال الأيام الماضية، ما دفع أمير المنطقة الأمير محمد بن فهد، إلى التدخل، والتشديد على «إيجاد حلول لمعالجة انقطاعات الكهرباء في المنطقة». وعزت مصادر في «الشركة السعودية للكهرباء» هذه الانقطاعات المتكررة، إلى «زيادة الأحمال بسبب الصيف». وعلى رغم تطمينات الشركة المتكررة وتأكيداتها، وكذلك استعدادها «التام» لأي طوارئ تنجم عن حرارة الصيف، إلا أن مسلسل الانقطاعات يتواصل. وأشارت مصادر في الشركة إلى «الحياة»، إلى أن «مشكلة الانقطاعات تتكرر في موسم الصيف، بسب ارتفاع درجات الحرارة، ما ينتج عنه زيادة في الأحمال الكهربائية»، مشيرة إلى أن الشركة وضعت استعدادات لذلك، من خلال «إصلاح الخلل الفني في شكل فوري». وأبانت أن ارتفاع درجة الحرارة إلى 50 درجة مئوية، الذي أكدته الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، «سيساهم في شكل مباشر في زيادة الأحمال الكهربائية، وينتج عنه انقطاع التيار الكهربائي». ويبدو أن شركة الكهرباء ستُواجه اختباراً عسيراً، ما دامت الحرارة في تزايد مستمر. وتعزى موجة الانقطاعات للتيار، إلى زيادة الأحمال الكهربائية، إضافة إلى ضعف الشبكة الداخلية للشركة السعودية للكهرباء، وبخاصة في الكابلات المُغذية، التي تجاوزت بعضها العمر الافتراضي، نظراً لكثرة الأعطال الفنية، التي لحقت بها خلال الأعوام الماضية، فيما لم تشهد أية عمليات صيانة، نتيجة لأطوالها التي تصل إلى كيلومترات عدة، والتي تصل كُلفة صيانتها إلى عشرات الملايين من الريالات.