ظهرت أمس بوادر حل لتبعات الاشتباكات التي وقعت بين مسلمين وأقباط في بلدة دهشور جنوبالقاهرة الثلثاء الماضي وخلفت قتيلاً وعشرات الجرحى. واجتمعت لجنة المصالحة التي شكلها مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) بأسرة الشاب القتيل معاذ محمد وبقيادات كنسية وتوصلت إلى اتفاق لإنهاء الأزمة. جاء ذلك بعد ساعات من دخول الرئيس محمد مرسي على خط القضية، إذ اتصل هاتفياً فجر أمس بمحافظ الجيزة علي عبدالرحمن، وكلفه إنجاز خمس خطوات لاحتواء الأزمة. وأكد الناطق باسم الرئاسة ياسر علي أن مرسي اتصل بالقائم بأعمال بطريرك الأقباط الأرثوذكس الأنبا باخوميوس وبشيخ الأزهر أحمد الطيب «في إطار متابعة أزمة دهشور». وقال محافظ الجيزة ان مرسي كلفه «تشكيل لجنة لحصر الخسائر الناجمة عن الأحداث، على أن يكون من مهام اللجنة تقدير التعويضات المناسبة وصرفها في أسرع وقت، ودعم جهود المصالحة والتهدئة بين طرفي الأحداث في القرية، وبذل كل جهد ممكن لاحتواء الأزمة، وتهيئة المناخ الأمني لتشجيع الأهالي الذين غادروا القرية على العودة إلى منازلهم، وتكثيف الوجود الأمني لإعادة استقرار الأوضاع بالكامل داخل القرية، والاتصال بالشخصيات المجتمعية المؤثرة للقيام بالدور الفعال في إقناع وتشجيع الأهالي الذين غادروا منازلهم بالعودة إليها». ونقل المحافظ عن مرسي تشديده على «إعمال القانون ليكون الفيصل لإعطاء كل ذي حق حقه، ومعاقبة المتعدين على الأرواح والممتلكات الخاصة»، موضحاً أنه «سيتم خلال ساعات الانتهاء من تشكيل لجنة لحصر التلفيات وتقدير التعويضات». وزارت أمس لجنة كان شكلها مجلس الشورى قرية دهشور حيث التقت قيادات شعبية وكنسية لمحاولة الوصول إلى صلح. وعقدت اللجنة التي ترأسها النائب محمد الفقي مؤتمراً مع أهالي القرية في حضور محافظ الجيزة ومدير أمن الجيزة اللواء أحمد الناغي ووكيل الأزهر الشيخ عبدالتواب قطب. وشدد الفقي على أن «القانون لا بد من أن يأخذ مجراه إلى آخر مدى»، كما أكد أنه «لا فارق بين مسلم ومسيحي، ولا بد من أن يطبق القانون على الجميع». لكنه لفت إلى «أهمية التروي وتحكيم العقل حتى تمر الأزمة». وأشار إلى تشكيل لجنة تضم خمسة أشخاص من كل طرف يفترض أن تكون اجتمعت أمس للتوفيق بين الطرفين وعودة الهدوء إلى القرية. وقدم وفد مجلس الشورى العزاء إلى والد الشاب القتيل. من جانبها، قالت وزارة الأوقاف إنها «تابعت الأحداث المؤسفة التي وقعت في قرية دهشور والتي تسبب فيها بعض المغرضين». وأكدت أن «ما يحدث جريمة تنبذها الشريعة ويجرمها القانون وتأمل الوزارة بأن توضع الأمور في نصابها الصحيح وأن يحاسب المتسبب فيها». ودعت في بيان أمس «الحكماء من أهل القرية إلى ضرورة ترك التنابذ والتنازع والفرقة والعمل على غرس روح المحبة والوئام حتي يعود للقرية أمنها وأمانها وسلمها وسلامها»، مشيرة إلى أن «مصر في الوقت الراهن تحتاج منا جميعاً إلى توحيد الصف والاجتماع على كلمة سواء حتى تستطيع مواجهة التحديات الداخلية والخارجية والحفاظ على مقدرات مصرنا الحبيبة». واستمرت أمس ردود الفعل، فقالت «الجماعة الإسلامية» إن «أحداث دهشور المؤسفة لا تعبر عن فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين، ولكنها امتداد لحادثة فردية ليس لها أي بعد ديني كان البادئ فيها مكوجي ينتمي إلى الجانب المسيحي». وشددت في بيان على «تطبيق القانون بحزم وبسرعة بما يحقق العدالة الناجزة لأي مظلوم والردع لأي معتدٍ»، مؤكدة أنه «لا يصح شرعاً وديناً التعدي على أرواح أو ممتلكات المسيحيين بأي حال من الأحوال أو بمجرد أن المعتدي في هذه الحادثة ينتمي إلى الديانة المسيحية». وأضافت أن «هذا الصنيع من الظلم الذي تحرمه شريعة الإسلام التي تعلي قاعدة العدالة الخالدة: ولا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى». وأكدت «الوقوف بقوة ضد محاولة تهجير أو إبعاد أي مواطن مصري من موطنه أو مسكنه»، لافتة إلى أنها «سعت إلى احتواء هذه الأزمة منذ نشوئها مع العديد من القوى». وحضت الجماعة «جميع أبناء دهشور» على «تطويق هذه الفتنة التي ضربت مدينتهم الآمنة والأخذ على يد كل من يحاول تأجيجها ومواجهة أي اعتداء ظالم على أي مصري من أبناء دهشور والعمل على إحباط مخططات البلطجية لاستغلال الحدث في أعمال السلب والنهب حتى تعود بلدة آمنة مطمئنة». من جانبه، طالب النائب السابق عن حزب «المصريين الأحرار» باسل عادل الرئيس بأن «يشرع فوراً في تكليف لجنة لإعداد تشريعات تقضي بتغليظ العقوبة الجنائية إذا اقترنت الجريمة بباعث طائفي، فضلاً عن إجراء محاكمات سريعة وناجزة لمرتكبي تلك الإحداث». وأشار إلى أنه «في ظل أحداث العنف المتوالية المرتبطة بالاحتقان بين المسلمين والمسيحيين وآخرها أحداث دهشور، فإن المسكنات التي حرص النظام السابق على إعطائها للمواطنين لم تعد تجدي نفعاً». وأكد أن «استخدام حلول عرفية لحل القضايا الطائفية إنما يلغي دولة القانون بل ويقضي على مبدأ الدولة من أساسه»، مشيراً إلى أن «هذا أمر مرفوض، وعقوبات النفي التي بتنا نسمع عنها الآن لم يمارسها سوى حكم الإحتلال». وطالب الرئيس ب «تولي مسؤولياته في حماية اللُحمة الوطنية والمساواة بين أبناء الوطن وإعمال مبدأ المواطنة وألا يكرر أخطاء الماضي».