خرج الأعرابي من الجامع، بعد أن أدى صلاة الجمعة، وهو يضرب كفاً بكف، وسار على غير هدى يوماً وليلة، وفيما هو شارد الذهن، وبدا عليه الوهن، استوقفه صديق له لم يره منذ سنين، فقال له ويحك مالي أراك ناحلاً شاحباً، هل هو «ريجيم»؟ فنظر إليه نظرة الكسير، وقال بصوت كالحرير إنني لأعجب من خطيب الجامع، فلم أعد أرى تلك المدامع. رد عليه صاحبه، أفصح يا صديقي، فقد أثرت ضيقي، فقال كان خطيبنا صالحاً يتحدث عن الفسقة الذين يحاربون الله ورسوله، فيذكر «طاش»، ثم يصف الآخر واسمه «ما طاش» بأنه سفيه وفاجر، ثم يقول إنهما خبثاء، وإنهما سبب الغلو بتحديهما لله ورسوله، ويختم بقوله اللهم عليك بهما يوماً يكونان عبرة للمعتبرين وأرنا فيهما عجائب قدرتك، لكنني منذ أول جمعة في رمضان لم أعد أسمع خطيبنا يدعو على «الطاشين الاثنين»، وعجزت أن أعرف السبب وهذا أمر يدعو للعجب! فقال صاحبه أفزعتني يا رجل، خشيت أن يكون مسك سوء، ألا تعلم ما هو طاش؟ فقال والله إنني لأحسبه شيئاً من الكفر، فرد عليه صاحبه، بل هو برنامج تلفزيوني اختفى، لدرجة أنني غيّرت تلفزيوني ثلاث مرات، لعله يكون في واحد منها، فلم أجده، فبدا التعجب على الأعرابي، وصاح صيحة اهتزت لها الكوفة، وقال ويحك أتقول لي إنه لا علاقة لهم بالشياطين، فقال، يا رجل الشياطين تصفد في رمضان! [email protected] @Saud_alrayes