شهدت إعادة تنظيم المؤسسات الانتقالية في باماكو، التي اعلنها الرئيس بالوكالة ديوكوندا تراوري، تقليص صلاحيات رئيس الوزراء الشيخ موديبو ديارا، الذي أثار نشاطه القليل خلال الأشهر الثلاثة الاخيرة انتقادات متزايدة. وقال تراوري العائد، بعد يومين على عودته من باريس، حيث خضع لعلاج من اعتداء عنيف تعرض له داخل مكتبه في باماكو في 21 أيار (مايو)، في خطاب دعا فيه الى جمع الشمل: «نخوض سباقاً ضد الزمن، ودقت ساعة الوحدة المقدسة». ولم يتطرق تراوري الى رئيس الوزراء الشيخ موديبو ديارا، لكن اعلانه انشاء هيئات انتقالية جديدة بعد تلك التي شكِّلت في نيسان (ابريل) وحددت ولايتها لمدة سنة بعد انسحاب العسكريين الذين نفذوا انقلاب 22 آذار (مارس)، يقلص صلاحياته الى حد كبير. وسيرأس تراوري المجلس الاعلى للدولة مع نائبين، يكلف احدهما قضايا الدفاع والأمن وادارة شؤون الأزمة في شمال البلاد، الذي تحتله منذ نهاية آذار جماعات اسلامية مسلحة موالية ل «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي». وأعلن تراوري ايضاً أنه سيتكفل شخصياً بتشكيل حكومة وحدة وطنية، تنفيذاً لمطلب الدول المجاورة الاعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا. وهو منح نفسه مهلة حتى اليوم لتشكيل هذه الحكومة، لكن الوسيط البوركينابي في أزمة مالي أعلن ان تراوري يستطيع طلب مهلة اضافية اذا رغب في ذلك. وصرح وزير الاتصالات المالي حمدون توري، بأنه «من الخطأ قراءة خطاب الرئيس تراوري باعتباره أبعد ديارا عن اتخاذ القرار». لكن محمد ديارا عالم الاجتماع المالي، قال إنه «من الواضح ان الصيغة الجديدة ستقلص صلاحيات رئيس الوزراء». وأبدت فطومة سيري دياكيتي، عضو الجبهة الموحدة للدفاع عن الجمهورية والديموقراطية، وهو ائتلاف احزاب ومنظمات نافذة عارضت انقلاب 22 آذار، ارتياحها «لتحديد الهدف». واعتبرت ان تراوري وزع المهمات لأنها الوسيلة الوحيدة لإخراج مالي من الازمة التي تتخبط فيها». وتولى الشيخ موديبو ديارا، وهو عالم في الفيزياء الفلكية يتمتع بشهرة عالمية، مهماته في 24 نيسان، لكنه واجه اعتراض الجزء الاكبر من الطبقة السياسية، خصوصاً حزب ديوكوندا تراوري، الذي طالب باستقالته، منتقداً «عدم كفاءته وعدم مهنيته»، وافتقاده الاستراتيجية المطلوبة لتسوية الأزمة في شمال البلاد. وأخذ عليه منتقدوه عدم مطالبته رسمياً بتدخل قوة عسكرية من مجموعة غرب افريقيا لمواجهة الإسلاميين، وكذلك تسامحه مع الكابتن امادو هايا سانوغو، قائد الانقلابيين الذين اطاحوا الرئيس امادو توماني توري. ولا يزال رجال الكابتن سانوغو يتمتعون بنفوذ في باماكو، حيث يشتبه في ارتكابهم تجاوزات في حق مقربين من الرئيس السابق توري وعسكريين وسياسيين ورجال اعمال وصحافيين من دون التعرض الى عقاب. واكد ديارا في حديث تلفزيوني السبت الماضي، أنه لا ينوي الاستقالة. وتحتاج حكومة الوحدة الوطنية التي سيشكلها تراوري، الى شرعية كبيرة لشن هجوم مضاد على شمال البلاد، بدعم من مجموعة غرب افريقيا. وفضلاً عن الطلب الرسمي من مالي، تدعو المجموعة الأممالمتحدة الى التدخل، وستطلب اصدارَ مجلس الأمن قراراً في هذا الشأن، كما اعلن نهاية الاسبوع الماضي الرئيس العاجي الحسن وترة، والذي اعتبر التدخل «امراً لا بد منه». إلى ذلك، رجم إسلاميون يحتلون بلدة أغولهوك شمال مالي حتى الموت أمام حوالى 200 شخص، رجلاً وامرأة أقاما علاقة خارج إطار الزواج.