تعاود صناديق التحوط الدولية (هيدج فاند) مناوراتها، التي لا تبشر بخير، والرامية الى إضعاف دول الاتحاد الأوروبي التي تحاول تحصين أنفسها داخل قلاع عالية تحول دون غرقها، في مأساة اقتصادية ينجم عنها ملايين العاطلين من العمل. وبدأ المستثمرون، الأوروبيون والسويسريون، يستشعرون هذه المناورات العدوانية بعد مرور ثلاثة أشهر، بدا من خلالها أن العملة الأوروبية الموحدة ابتعدت من خطر الإلغاء، ما أعطى الأسواق المالية، الخاصة بالأسهم والسندات، نفحة من الراحة. في مطلق الأحوال، يجمع المحللون في بورصة زيوريخ، على أن الكثير من صناديق التحوط اضافة الى عدد من المستثمرين الكبار، يستفيدون مالياً من أوضاع الأسواق المالية حتى لو كانت تعيش أوقاتاً عصيبة. علماً أن رهان صناديق التحوط الدولية على انهيار البنى التحتية الاقتصادية، في كل من ايطاليا وإسبانيا، يكتسب زخماً غير عادي منذ مطلع الشهر. فالمصرف الأوروبي المركزي لن يتبنى دفاعات أخرى. كما أنه غير مستعد، اطلاقاً، لشراء سندات خزينة أوروبية جديدة ما يعني أن مناورات صناديق التحوط، الهادفة الى حض دول أوروبية على الانتحار، أي العودة الى عملاتها السابقة، أضحت شرعية وبلا حدود! ويعتقد كبار المحللين الغربيين أن اليورو سيتراجع قليلاً أمام الدولار والفرنك السويسري. بيد أن انهياره الى ما دون التوقعات يواجه ضوءاً أحمر من واشنطن التي بدأت تدرس تداعيات انشقاق محتمل لمنطقة اليورو الى منطقتين: الأولى تبقي على العملة الموحدة، والثانية تتخلى عنها! اضافة الى ذلك، يشير باحثون اقتصاديون سويسريون الى أن ثغرات أوروبية عدة تستغلها صناديق التحوط الدولية لمصلحتها، سعياً الى تحقيق أرباح، مالية او غيرها. فصندوق النقد الدولي لم يقرر بعد كيفية التدخل لمواجهة الأزمة المالية في الأشهر المقبلة. ما يعني أن موازناته غير ناضجة بعد. من جهة أخرى، تؤثر الانتخابات الرئاسية في فرنسا، والسياسية في ألمانيا، في أعصاب المستثمرين، لا سيما في ضوء قوة تحركات المصرف الأوروبي المركزي التي تبخرت، حالياً، والتي أرادت، في الأشهر الماضية، تجهيز المصارف الأوروبية بحقن ضخمة من الأموال الطازجة. ولا شك في أن صناديق التحوط تنتهز المفعول الجانبي للعلاقات «الخطرة» بين مصارف أوروبا الجنوبية وأسواق السندات الحكومية الأوروبية. فالمزادات العلنية، المتلعقة بسندات الخزينة الاسبانية، في الآونة الأخيرة، خيّبت الآمال، ما يقلق المصارف الأوروبية وأسواقها المالية. ومرة أخرى، تتأثر سويسرا بقلق المصرفيين والمستثمرين الأوروبيين. ومنذ مطلع السنة، باشر الكثير من الشركات والمصارف الأميركية سحب أصول من دول الاتحاد الأوروبي بهدف زرعها، ربما، داخل أسواق مالية واعدة، غير أوروبية. ويبدو أن مجموعة من العوامل، سياسية واقتصادية أوروبية ودولية، بدأت تضع هولندا، التي تعتبر احدى قلاع اليورو، تحت ضغوط غير مألوفة. وهذه نقطة اضافية ستدفع صناديق التحوط نحو مضاعفة رهانها على سقوط دول أوروبية تحت رحمتها.