بدأ مستثمرون دوليون سحب أموالهم من الأسواق للمرة الأولى عام 2008، وكانت الوتيرة تختلف بين حين وآخر، لكنها لم تتوقف أبداً في ظل الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة. وعلى رغم أن سحب الأموال من الأسواق المالية عملية صامتة وغير مرئية، إلا أن خبراء سويسريين اعتبروا أن مصير ملايين العمال والشركات في القارة الأوروبية القديمة، متعلق بمصير مواز مجهول. فالشركات الأوروبية متعطشة للاستثمارات الأجنبية بهدف تعزيز قوتها التنافسية، إلى جانب تغطية ديونها ومستحقات عمالها، ما يعني ان تعرض أي شركة لأزمة ما في سيولتها المالية يترجمه المحللون تأخيراً في دفع رواتب الموظفين أولاً، وقد تصل إلى حد تدمير مئات الوظائف، وهذا ما نلاحظه اليوم في الكثير من الشركات الأوروبية الكبيرة، وحتى تلك العاملة في النقل الجوي والصيدلة. وتبرز اليوم ظاهرة مالية جديدة تدعى «سادن ستوب»، ويفسرها خبراء اقتصاد بأنها هروب جماعي للمستثمرين الأجانب من منطقة اليورو، ليس فقط من دول جنوب أوروبا، مثل اسبانيا وإيطاليا واليونان والبرتغال، بل من دول أخرى تنتمي إلى منطقة اليورو. وبالنسبة الى معظم المصارف والشركات هناك، لا سيما في ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا، فإنها تحاول استعادة أموالها من الخارج بأسرع وقت ممكن بسبب الحاجة الماسة إلى رؤوس أموال استُثمرت سابقاً في الخارج لسد ثغرة الديون. وإضافة الى إقبال المصارف والشركات المالية على استرداد أموالها من الخارج، يُلاحظ المراقبون تفشي ظاهرة مرضية مالية جديدة في أوروبا، فالمدخرون لدى دول أوروبية ضعيفة في منطقة اليورو يخشون تحطم قوى حكوماتهم المالية وقوة المصارف الوطنية، ما يؤدي إلى فقدان الثقة ويحض المدخرين على سحب أموالهم من المصارف والهرب بها إلى الخارج. وأشار خبراء إلى أن فئات واسعة من الشركات والمدخرين في ايطاليا وإسبانيا واليونان وقبرص وإرلندا، تعمد الى إقفال كل الحسابات المصرفية في الوطن الأم، قبل نقلها إلى مصارف ألمانيا وفرنسا وهولندا ولوكسمبورغ وسويسرا. وبالطبع، فإن السلوكيات الدفاعية التي تتبناها المصارف والشركات والمدخرون لجهة استرجاع الأموال تخوفاً من المستقبل، تخلق دوامة قد تقضي على اليورو.