يقول أهل الخواطر النثرية إن أجمل ابتسامة تخرج من بين الدموع، ويقول الشعراء إن تبسم الثغر ربما أصاب الحبيب بالجنون. أهل التسويق يلاحقون ابتسامة طفل حقيقية لوضعها في إعلان، ولا يجدونها غالباً، وابتسامات نساء إعلاناتهم المصطنعة، لا تشبه إلا قطع البلاستيك التي تغرق الأسواق في رمضان تحت مسمى كنافة، ونابلس العريقة الجميلة بريئة منها. استرجعت واستجمعت الابتسامات من حولنا، «حولنا» الاتصالي في الشارع والعمل والسوق والحياة العامة، فهناك ابتسامات أعرف أين أجدها في خاص حياتي، كما تفعلون في خاص حياتكم. استرجعت وأنا أبحث عن لقب أطلقه على ابتسامات صادفتها أول أيام الصوم من شباب مكافحين، بحثت عن لقب لها، فلم أجد سوى «أَرجَلُ ابتسامة». نعم أيتها السيدات والسادة الذاهبون إلى مقار إعمالهم المكيفة بالهواء البارد، وأنتم تركبون في سيارة مكيفة، فهذا الشاب الذي يعمل في الأمن الخاص «السيكيورتي» إذا بدا مبتسماً صابراً على درجة حرارة تعرفونها، يمارس عمله في الصيام، كما يفعل في الفطر، فثق تماماً يا من ترى هذا المنظر أن هذه «أَرجَلُ» ابتسامة يمكن أن تصادفها يوما. هذه ابتسامة تخبرك بما أنعم الله به عليك، فلا تقف مثله تنظم دخول الناس أو خروجهم، بأجر زهيد، وشركات لا ترحم، وهي توضح لك الفارق بينه وبين من «زوّغ» من ورديته تحت الشمس، أو قابلك وكأنك شعاع الشمس الذي يحرقه متجهماً، يحمّل كل من يمر عليه مسؤولية مهنته التعيسة. في السنوات القليلة المقبلة سيكون صومنا في أسخن أجواء تعرفها الأرض، وسيكون على شركات الأمن الخاص أن تغير نمط تعاملها، يمكنها على الأقل تغيير أزيائهم، ومنحهم زياً قطنياً فاتح اللون بدلاً من «اليونيفورم» الذي غالباً يراوح بين الأزرق والأخضر والأحمر. من يقف منهم في الميدان يحتاج إلى أغطية رأس عملية تشبه المظلة الشخصية الصغيرة، ويحتاجون إلى مياه باردة باستمرار يمسحون بها جباههم وأيديهم ونحورهم، فحتى من لا يقف منهم تحت الشمس مباشرة، فهو يقف على مدخل مواقف أو مخرجها، وغالباً لا تكون مزودة بأنظمة التبريد. أهم شيء لهؤلاء الرجال المبتسمين أن تبتسموا لهم، إن لم تستطيعوا التوقف لمصافحتهم أو إهدائهم شيئاً، فقط تبسموا في وجوههم، وتذكروا أن الحر الشديد الذي عانيتم منه لدقائق حتى تبرد مركباتكم، يقفون فيه ساعات لخدمتنا، وللقمة عيشهم الصعبة. [email protected] mohamdalyami@