اتجه الأعرابي وجاريته، وسارا مسيرة 60 يوماً بلياليها، قطعا خلالها القفار والوديان والشعاب حتى دب فيهما اليأس، إلى أن وصلا إلى طريق معبدة، فوقفا يتمعنان فيها بذهول، ولاح لهم على امتدادها شيء لم يستطيعا تمييزه، فقصداه من دون تردد، فإذا هو استراحة. نظرت الجارية متعجبة وقالت: ويحك، أأتيت بنا إلى بيت شعر أصلع. فقال: اتقي الله يا امرأة، قد يكون أحدهم تعمد أن يضع له مزيلاً للشعر فتساقط، لنر ما لديهم! قصد الأعرابي رجلاً بدا أنه المسؤول، وخاطبه: نريد مكاناً يؤوينا، فرد عليه الرجل ببرود، وبلغة لم يفهمها، فثارت ثائرة الأعرابي وقال: ثكلتك أمك، ما لذي تقوله؟ فأشار إلى إحدى الغرف وذهب. اتجه الأعرابي وجاريته إلى حيث أشار الرجل. فوجدا غرفة صغيرة أشبه بالحظيرة، فتمتم الأعرابي، وقال: دعينا نغادر هذا المكان فقد أصابني بالغثيان، وخرجا لا يلويان على شيء، إلى أن صادفتهما «دابة مدولبة» تشبه تلك التي حلم بها الأعرابي تتجه نحوهما، فوليا الأدبار، فارتاب سائق الدابة ولحق بهما، حتى أعياهما التعب، فوقفا يطلبان منه العفو. قال: ويحكما، ماذا فعلتما؟ فقالا إنما خشينا دابتك، فضحك ثلاثة أيام بلياليها، ورقّ قلبه، وقال: لأصحبنكما وأريكما ما لم تره عين ولم تسمع به أذن، فجمعا حوائجهما و«امتطيا بجوارها حوض الدابة» والجارية تخاطب زوجها، تباً لك «فضحتنا»، لم أكن أعلم أنني زوجة جاهل! [email protected]