أعلن الوزير الجزائري عمار غول رسمياً انطلاقه في تأسيس حزب سياسي جديد مستقل عن «حركة مجتمع السلم» المعروفة اختصاراً باسم «حمس» والممثلة لفكر «الإخوان المسلمين»، قاطعاً أسابيع من لغط في شأن علاقته بالحركة التي قررت مقاطعة الحكومة المقبلة. ويُتوقع أن يلحق بالحزب الجديد بعض وزراء «مجتمع السلم»، أبرزهم وزير التجارة مصطفى بن بادة. وأعلن غول أمس أنه يطرح «للنقاش والاقتراح القضايا المتعلقة بالحزب الجديد»، في أول إعلان منه بوجود تحضيرات جدية للخروج من عباءة «حركة مجتمع السلم» التي اختلف معها في شأن قرار مقاطعة الحكومة. وكتب غول، وهو وزير سابق للأشغال العمومية، على صفحته على موقع «فايسبوك»: «لقي النقاش المطروح حول ضرورة تأسيس الدكتور عمار غول حزباً سياسياً جديداً، تجاوباً كبيراً وإيجابياً. وأظهرت نتائج النقاش ومجرياته أن الاتجاه الغالب يرى أن على غول المضي قدماً في تأسيس حزب جديد يكون فضاء للأمل وأداة للبناء الوطني». وختم غول، وهو حالياً نائب في البرلمان عن قائمة «تكتل الجزائر الخضراء» الإسلامي قائلاً: «وبناء على هذا ارتأينا، مواصَلةً لأسلوب الحوار العام والتشاور المفتوح، أن نطرح للنقاش والاقتراح القضايا المتعلقة بفكرة هذا الحزب، ويسعدنا أن نتلقى كل الأفكار والمقترحات في شأن ما يلي: اسم الحزب ومجوعة المبادئ والقيم الأساسية». وترفض قيادات في «حركة مجتمع السلم» الخوض علناً في مسألة خروج غول عن الحزب. ومن القياديين من لا يثق في جدية خطوة الوزير، ومنهم من يصنفها صفقةً مع السلطة لِلَيِّ ذراع رئيس الحركة أبو جرة سلطاني قبل أقل من أسبوعين من انعقاد مجلس شورى «حمس»، الذي سيعيد مجدداً طرح فكرة المشاركة في الحكومة على الأعضاء للنقاش. وتفيد مراجع حكومية أن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة غير مستعد للتنازل عن مشاركة الإسلاميين في الحكومة، تمسكاً ب «توسيع قاعدة المشاركة»، خصوصاً في ظل المتغيرات الإقليمية الضاغطة على السلطات الجزائرية بعد وصول الإسلاميين إلى الحكم في مصر وتونس والمغرب. وتربط «مجتمع السلم» علاقات متميزة مع الأحزاب الفائزة في تلك البلدان، وهي كانت وراء حضور الرئيس المصري محمد مرسي في وقت سابق للجزائر وأغلب قيادات «الإخوان» في تونس والمغرب. والراجح أن يبحث بوتفليقة عن وجوه «إسلامية» أو «محافظة» تكمل حلقة «الديموقراطيين» و «الوطنيين» في إطار السياسة التي اتبعها للخروج من عنق «المرحلة الانتقالية». وتردد أن النائب عن «جبهة التحرير الوطني» أسماء بن قادة، وهي طليقة الداعية الإسلامي المصري يوسف القرضاوي، مرشحة بقوة لدخول الحكومة. وتصدر غول قائمة «تكتل الجزائر الخضراء» الانتخابية في العاصمة، حيث حصدت قائمته 13 مقعداً من 44 مقعداً. وخاضت «حركة مجتمع السلم» الانتخابات البرلمانية الأخيرة ضمن تكتل «الجزائر الخضراء» الذي يضم أيضاً حركتي «النهضة» و «الإصلاح الوطني». وبعد إعلان النتائج اختار مجلس شورى «حمس» مقاطعة الحكومة، ودعا بوتفليقة إلى إعفاء وزراء الحركة الأربعة من حقائب في الحكومة المقبلة. وقوبل هذا الخيار برفض قاطع من تيار محسوب على الوزراء يقوده غول المرشح للانشقاق عن صفوف حزبه. وبرزت أولى مظاهر الخصومة بين غول وحزبه، حين وقف موقف المتفرج من نواب حزبه في افتتاح الدورة البرلمانية، عندما رفعوا شعارات: «لا للتزوير» أثناء مناداة الأعضاء الجدد. وتوقع أعضاء في الحزب أن ينهج غول سلوك وزيرة الثقافة خليدة تومي قبل عشر سنوات، حين قرر رئيس حزبها السابق «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» سعيد سعدي، الخروجَ من حكومة ائتلافية شكَّلها بوتفليقة في الأشهر الأولى من حكمه، ففضلت الاحتفاظ بمنصبها الحكومي وتركت الحزب نهائياً.