مع تمسك «حركة مجتمع السلم»، ذات المرجعية الإسلامية، برفض المشاركة في الحكومة الجزائرية المقبلة، تتجه الأنظار إلى طبيعة «التحالفات» الجديدة في الحكومة التي تأخر الإعلان عنها على رغم مرور أكثر من شهرين على انتخابات البرلمان التي حازت جبهة التحرير الوطني بغالبية المقاعد فيها. وفي حين يبدو الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة متسمكاً بمنطق «الائتلاف» الذي يسمح لتيارات كثيرة بالمشاركة في الجهاز التنفيذي، يتردد أن الوزير الإسلامي عمار غول يمكن أن يفك «عقدة الائتلاف» من خلال مشروع حزب سياسي جديد يشارك في الحكومة لتعويض غياب حركة مجتمع السلم. وتتعمد قيادات في حركة مجتمع السلم التي تمثّل تياراً إخوانياً في الجزائر، تسريب معلومات تفيد بأن عمار غول ينوي تأسيس حزب سياسي جديد، في ظل استفحال الخلافات بينه وبين قيادة الحركة. ويرتبط جزء من هذه الخلافات بقرار الحركة قطع «حبل الود» مع السلطة والخروج إلى المعارضة ورفض المشاركة في الحكومة المقبلة. ومعلوم أن غول هو وزير للأشغال العمومية وترشح عن قائمة مجتمع السلم في الانتخابات عن ولاية الجزائر. وقانوناً هو نائب برلماني وليس وزيراً في الفترة الحالية بعدما أنهى بوتفليقة مهمات الوزراء الستة الذين ترشحوا في التشريعيات وأصبحوا نواباً تفادياً لخرق قانون يمنع الجمع بين العهدة البرلمانية والوزارية. بيد أن الغموض يكتنف خطوات عمار غول الذي يرفض الخوض في الملف تاركاً المجال لتسريبات إعلامية لا تنقطع عن فكرة إطلاقه حزباً جديداً بتوجهات «وطنية ديموقراطية». والغريب أن بعض الأسماء التي تردد أنها تشارك الوزير الإسلامي نياته المزعومة في تأسيس حزب، تبرأت من المبادرة. إذ قال رئيس مجلس شورى حركة مجتمع السلم، عبدالرحمن سعيدي، إنه «لم تربطه أي اتصالات تخص تأسيس حزب جديد، كما لا يعلم أن قيادات من محيط رئيس الحركة أبو جرة سلطاني لها يد في هذا الحزب». ويأتي الجدل في شأن نيات عمار غول في سياق «شلل مؤسساتي» في البلاد، مرده تخلف رئيس الجمهورية عن استبدال الوزراء الذين صاروا نواباً وتشكيل إما حكومة جديدة أو إعلان الثقة في الحكومة الحالية التي يقودها أحمد أويحيى. ويلتزم بوتفليقة الصمت في شأن نياته بخصوص الحكومة، لكن يتردد أنه يرفض فكرة «حكومة التكنوقراط» ويفضّل «حكومة ائتلافية» يشارك فيها التيار الإسلامي. وعمل بوتفليقة منذ توليه سدة الحكم عام 1999 على إشراك «الإسلاميين» سواء في الحكومة أو ضمن مناصب سياسية وديبلوماسية. والراجح أنه يبحث حالياً عن «وجوه إسلامية» أو «محافظة» تُكمل حلقة الديموقراطيين والوطنيين في الحكومة، مكملاً بذلك السياسة التي يتبعها منذ سنوات طويلة. ومكّنت هذه السياسة بوتفليقة من كسب «حلفاء» إسلاميين، سواء من داخل تيار الإخوان أو بعض السلفيين. على صعيد آخر (رويترز)، قال مصدر أمني جزائري الجمعة إن سبعة ديبلوماسيين جزائريين خطفهم متمردون إسلاميون في شمال مالي في نيسان (ابريل) أطلق سراحهم، في خطوة يمكن أن تساهم في تخفيف حدة التوتر على طول الحدود المضطربة.