اعتبر رئيس الحكومة المغربية زعيم حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي عبدالإله بن كيران أن «مرحلة الفساد والاستبداد انتهت، ولم يعد مقبولاً العودة إليها لأن الشعب المغربي لا يريدها». ودعا وزراء حزبه إلى «ألا تغويكم وتغريكم المناصب»، مطالباً إياهم بأن «تقمعوا رغباتكم الشخصية كي لا تتجاوز حدود المعقول». وأضاف مخاطباً أنصاره خلال مؤتمر حزبه: «يتعين عليكم خدمة الشعب الذي منحكم أصواته»، طالباً إليهم «خوض غمار معارك الأخلاق والقيم». ودعاهم إلى «تغيير ما بذواتكم قبل أن تفكروا في إنجاح أي تغيير». ولفت إلى أن مؤتمر الحزب «ينعقد في ظروف التغيير الذي طرأ على الخريطة السياسية في العالم العربي، وبخاصة في المغرب» حيث انتقل الحزب من موقع المعارضة إلى قيادة الغالبية الحكومية. وقال إن هذه النتائج «تعود إلى نحو 40 سنة من التبشير بالدعوة في مختلف مناطق المغرب». وأكد أن حزبه «سيقبل نتائج الانتخابات المقبلة كيفما كانت»، وأنه سيظل «متمسكاً بالدفاع عن الديموقراطية ونزاهة الانتخابات». وأوضح أن الائتلاف الحكومي «يعمل في إطار التفاهم والانسجام»، ما بدد مخاوف من تصدع الغالبية التي تضم أحزاب «العدالة والتنمية» و «الاستقلال» و «الحركة الشعبية» و «التقدم والاشتراكية»، على خلفية تباين وجهات النظر إزاء التعاطي وملفات عدة. ودعا أحزاب المعارضة إلى «التزام دور أكثر انفتاحاً ورقابة في تقويم أداء الحكومة»، مؤكداً أن حزبه «يخوض امتحاناً لا يزال في بدايته»، وإن ركز على أن الحكومات السابقة تركت إرثاً ثقيلاً. وشدد على أن «عهد التحكم في الخرائط الحزبية انتهى». وكان لافتاً الحضور الوازن للزعامات الحزبية كافة في الموالاة والمعارضة لمؤتمر «العدالة والتنمية»، وضمنها شخصيات عرفت بصدامها والحزب الإسلامي خصوصاً إبان الانتخابات الأخيرة، ما اعتبر مؤشر انفتاح متبادل على رغم أشواط الصراعات التي تنطلق بين الفينة والأخرى. وشكل الحضور اللافت لزعامات حزبية من الجزائر وموريتانيا وتركيا وإسبانيا إشارات قوية إلى ارتباطات الحزب الإسلامي الذي عزا قياديوه غياب مندوب عن «حركة النهضة» التونسية إلى «التزامات حزبية داخلية»، وكذلك كان حال «الحزب الاشتراكي» الفرنسي. وقال رئيس «حركة مجتمع السلم» الجزائري أبو جرة سلطاني إن حزبه و «العدالة والتنمية» المغربي يتحدران من «نفس الفكر والمنهج والأداء»، مؤكداً أن هذا الحزب «ليس غريباً عنا وما يفرقنا فقط أن كل واحد يخدم بلده الذي نشأ فيه». ورأى أن «هناك فرقاً كبيراً بين إدارة حزب في المعارضة وقيادة حكومة». ورأى أن تجربة المغرب في الإصلاح كانت «أكثر هدوءاً واستطاع المغاربة أن يمروا إلى الضفة الأخرى بسلاسة كبيرة». واعتبر أن استكمال بناء الاتحاد المغاربي «دين في أعناقنا» على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية». بيد أن زعيم المعارضة الموريتانية أحمد ولد دادة أكد أن الشعوب العربية والإسلامية تتطلع إلى «ديموقراطية أكثر وإلى وضع اجتماعي أحسن». واتهم نظام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز بأنه «فشل في تدبير المرحلة»، خصوصاً «باتجاه صيغة وفاقية لإخراج العسكر من الحكم». ورأى زعيم «حزب الاتحاد والتغيير الديموقراطي» المعارض الموريتاني صالح ولد حنانة أن الحراك في بلاده «لا بد من أن يكون جزءاً طبيعياً ومحورياً في المحيط العربي والإسلامي، وسيفيد من التحولات التي تعرفها المنطقة». إلى ذلك، حرص بن كيران على تكريم مؤسس حزبه الراحل عبدالكريم الخطيب. واختار الاجتماع إلى ضيوف المؤتمر في مقر إقامته في حفل عشاء سلم خلاله درع «العدالة والتنمية» إلى شخصيات عدة، في مقدمها رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل وعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عزام الأحمد والناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان وأبو جرة سلطاني ورئيس «حزب السعادة» التركي مصطفى كملاك وشخصيات أخرى. وقال بن كيران إن الخطيب «فتح بيته لفصيل من الحركة الإسلامية»، في إشارة إلى الخطوات الأولى لتشكيل الحزب الإسلامي في تسعينات القرن الماضي. ورد مشعل: «نستحضر نماذج من الشخصيات التي لم نشهد ثمار فعلها وخواتيم ما غرسته، فكانت كالأشجار العملاقة التي يستظل بها النبات الناشئ».