شكل المؤتمر الاستثنائي الخامس لحزب الاتحاد الديموقراطي الذي انعقد في قامشلو عاصمة غرب كردستان السورية حدثاً عميق الدلالات لجهة الدور الطليعي المحوري الذي يلعبه الأكراد في اطار ثورة الحرية في عموم سورية. فالمشهد داخل قاعة المؤتمر كان تعبيراً بليغاً عن واقع التنوع والتعدد قومياً ومذهبياً ودينياً في غرب كردستان وعموم سورية، ما بعث برسالة مفادها، وأن كردستان سورية ستشكل مثالاً عبر تقديمها مشروعاً لسورية الغد ومخرجاً لها من المأزق الوجودي الذي تتخبط فيه. ومن هنا تكمن أهمية المؤتمر الذي تبنى شعار الديموقراطية لسورية والادارة الذاتية الديموقراطية لغرب كردستان، في سعيه نحو بلورة نموذج حضاري لمختلف المناطق السورية، بما يقدم وصفة للتعايش والتسامح والتكامل، حيث أننا لسنا وحدنا كأكراد في كردستان سورية، بل ثمة شركاء لنا من عرب وسريان وأرمن وآشوريين، فضلاً عن التنوع الديني من مسلمين ومسيحيين وأيزيديين. ولعل ما تميزت به مناطقنا الكردية، رغم تصاعد خيارات الحرب والعنف في بقية مناطق سورية، خيارها الانتفاضي السلمي المدني. ومنذ انطلاق الانتفاضة الشعبية على الاستبداد انعكس هذا ايجاباً على الاستقرار والتعايش بين مختلف المكونات في المناطق الكردية من سورية. وهنا كان للسياسات والمقاربات العقلانية المسؤولة للاتحاد الديموقراطي منذ انطلاق ثورة الحرية على الاستبداد البعثي الدور الأبرز في الحفاظ على سلمية الثورة في المناطق الكردية من سورية. ولعل التمثيل الواسع للأحزاب والفعاليات السياسية الكردية السورية في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر وعلى رأسها المجلس الوطني الكردي أضفى جواً عاماً من التفاؤل والارتياح البالغين في أوساط الرأي العام الكردي في سورية، ما أعطى دفعة قوية للتعويل أكثر فأكثر على تفعيل التفاهمات والاتفاقات الموقعة بين مجلس الشعب لغرب كردستان الذي ينضوي تحت اطاره حزب الاتحاد الديموقراطي والمجلس الوطني الكردي. ولا شك في أن عقد المؤتمر الذي كان أكبر من مجرد مؤتمر حزبي إذ مثل كرنفالاً تحررياً وديموقراطياً، أتى في سياق تزخيم ثورة الحرية في غرب كردستان وسورية ككل. بيد ان الاشارة الاقوى على نجاح هذا المؤتمر والعلامة الأكثر تبشيراً بمستقبل حر وواعد كان الحضور النسوي العارم فيه. فها هنا نلمس تحرر المرأة ومشاركتها وتمكينها بالفعل وليس بالكلام والشعارات فقط، إذ تمت ترجمة ذلك في استحداث الرئاسة المشتركة للحزب بين الرجل والمرأة عبر اعادة انتخاب صالح مسلم رئيساً للحزب مناصفة مع السيدة آسيا عبد الله. * كاتب كردي