الأرجح أن التركيب الأساسي للبيوت والمباني التجارية في الغرب، لم يتبدّل منذ عقود مديدة. وراهناً، تشجع التحديات في مجالي الطاقة والبيئة على استعمال مواد بناء جديدة، وتصميم المباني بطرق مبتكرة تراعي مبدأ احترام الطبيعة. بناء من البلاستيك صممّت المادة المسماة «سمارت راب» Smart Wrap («الدثار الذكي»)، التي تصل الى الأسواق بعد سنوات، لكي توفر ستاراً واقياً ما يساعد على التحكم بالمناخ داخل المبنى، بما فيه الإنارة واستهلاك الطاقة. وفي هذا السياق، أوضحت شركة «كيران تيمبرلايك أسوشييتس» المتخصصة في الهندسة المعمارية التي اخترعت «سمارت راب»، أن تلك المادة رقيقة جداً، وصُنعت من «البوليستر» Polyester وهو المادة المستعملة في صنع زجاجات البلاستيك للمشروبات الغازية. وتتمتع الطبقة التحتية من ذلك «الدثار» بالمتانة إلى حد كافٍ للحماية من الرياح والأمطار، بل يمكنها أيضاً الصمود في وجه إعصار قوي. وللتحكّم بمناخ المبنى، تطمر في تلك الطبقة كبسولات رقيقة من مواد تُغيّر عملها بالتوازي مع تقلّب درجات الحرارة، بحيث تمتص السخونة في الطقس الحار وتُطلقها شتاء. وكمصدر للإنارة، استُعمِلت في مادة «سمارت راب» الإضاءة التي تولّدها تقنية «الترانزستور الضوئي العضوي» («أوليد» OLED). وتعتمد هذه التقينة على ترانزستورات مكوّنة من مواد عضوية توضع على الغشاء البلاستيكي بحيث تبعث ضوءاً لدى وصلها بالتيار الكهربائي. ويصدر ذلك التيار من أشعة الشمس التي تمتصها بطاريات كهروضوئية مطمورة في «سمارت راب». ومع هذا التطوّر، ثمة انطباع واسع بأن مصابيح الإنارة المستخدمة راهناً ستصبح في ذمة التاريخ قريباً. إذ لا تزيد كفاءة مصابيح التوهّج التي اخترعها الأميركي توماس أديسون، في تحويل طاقة الكهرباء أضواءً، على 5 في المئة من إجمالي ما يصلها من الكهرباء، بل تُطلق ما تبقى كحرارة. وفي المقابل، تفوق كفاءة «النيون» مصابيح أديسون بنحو أربع مرات. وصار النوعان كلاهما خلف ظهر التطور في تقنيات إنارة المنازل. وأصبحت المصابيع التي تعتمد على «ترانزستور الضوء» («ليد» LED)، التي يشبه عملها الرقاقات الالكترونية، شائعة في مصابيح الإنارة اليدوية وتلك التي تستعمل في السيارات. وتتميّز بأنها تستهلك كمية ضئيلة جداً من الكهرباء مقارنة بالمصابيح المتوهجة و «النيون». واستطاع «مركز أبحاث الإنارة» في «معهد بوليتكنيك رنسيلار» في نيويورك تركيب شبكة أسلاك منخفضة الفولتية في بعض الجدران بصورة تجريبية. وتستطيع لوحات الترانزستورات الضوئية المطمورة في بلاط الغرف أن ترتبط بشبكة توزيع الطاقة، كما يمكن للكومبيوتر أن يتحكم بتشغيل تلك الأنارة وتعديل شدة إنارتها ولونها. ومنذ مدّة، عكفت الشركة الهندسية «كنيدي وفيوليتش آركيتكتشير» (مقّرها بوسطن) على مشروع لصنع خيوط تطمر فيها ترانزستورات ضوئية، ويمكن نسجها داخل أغطية الجدران أو أثاث المنزل، ما يعني تحويل هذه الأشياء مصدراً لإضاءة غير تقليدية في المنازل. وتتضافر هذه التقنيات لتخفيض ما تستهلكه المنازل من الطاقة للإنارة، وهي ثلث إجمالي إستهلاك الطاقة! وللحديث بقيّة.