واصلت محكمة جنايات القاهرة أمس قضية منظمات المجتمع المدني الأجنبية العاملة في مصر من دون ترخيص، رغم غياب المتهمين الأجانب الذين أصدرت السلطات قراراً مثيراً للجدل سمح لهم بالسفر وسط انتقادات حادة. وكانت سلطات التحقيق وجهت ل43 موظفاً في منظمات مجتمع مدني أجنبية، بينهم 19 أميركياً، تهم إنشاء جمعيات أهلية من دون ترخيص والحصول على تمويل أجنبي بالمخالفة للقانون. وبدأت محاكمة المتهمين في شباط (فبراير) الماضي في غياب الأجانب الذين منعوا من السفر ابتداء ولكن رفع قرار حظر السفر عنهم في وقت لاحق، بعدما تنحت هيئة المحكمة عن نظر القضية اثر حديث عن تدخلات في عملها. وسمح للمتهمين الأجانب بالسفر خارج البلاد، وهم يحاكمون غيابياً. واعتذرت وزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا عن عدم الحضور متعللة ب «ظروف صحية». وأرجأت المحكمة القضية إلى 9 أيلول (سبتمبر) المقبل لاستكمال سماع الشهود. واستمعت المحكمة إلى شهادة المشرف على مكتب الوزيرة مروان زكي الذي أكد أن «تمويل المنظمات يخالف أسس الاتفاق المبرم بين مصر والولايات المتحدة في شأن المساعدات المالية»، موضحاً أن «برنامج المساعدات يتمتع بالصفة الحكومية وبالتالي لا يجوز أن تخصص منه أية أموال لجهات غير حكومية، وقرارات الكونغرس غير ملزمة للحكومة المصرية». وقال زكي إن «المساعدات الاقتصادية التي كانت تقدم إلى مصر تأتي في إطار اتفاق السلام المبرم بين مصر وإسرائيل»، مشيراً إلى أن «اقتطاع جانب من الأموال المخصصة لمصر في البرنامج كان سابقة فريدة باعتبار أن برنامج المساعدات الاقتصادية هو برنامج حكومي». وأضاف أن «مصر تفاوضت مع أميركا في العام 2004 سعياً إلى عدم التصادم وتوصلت إلى صيغة تفاهم منحت الصبغة القانونية للتمويل الأميركي للمجتمع المدني داخل مصر شرط أن يكون لمنظمة غير حكومية وصادر لها ترخيص إنشاء ومسجلة بهذه الصفة وفقاً للقانون وأن تكون المنظمات أميركية». وأشار إلى أن «الاتفاق تضمن الحصول على موافقة الجهات الأمنية ووزارة الشؤون الاجتماعية مع إنشاء لجنة استشارية تتكون من 8 أعضاء تمثل فيها الحكومة المصرية من خلال ممثلين عن وزارة التعاون الدولي ووزارة التضامن الاجتماعي وممثل عن الجانب الأميركي و5 شخصيات عامة مصرية يتفق عليها بين الطرفين، وأن تختص تلك اللجنة بتحديد المجالات التي تباشرها المنظمات الاميركية والمصرية التي تحصل على التمويل المباشر وتحدد مجال نشاطها، وأن يبلغ الجانب الاميركي الحكومة المصرية بأي تمويل يقدمه لمنظمات أو جمعيات أخرى، وفي حال اعتراض الحكومة المصرية على أي نشاط يتعارض مع الامن القومي سيتم ايقاف التمويل للمنظمة أو الجمعية وإيقاف نشاطها». وأوضح أنه «تم البدء بالعمل بموجب هذا الاتفاق في 2004 وكان الجانب المصري ملتزماً بالاتفاق، وكانت الإدارة الأميركية من جانبها ترسل لنا إخطاراً يتضمن حجم التمويل المخصص للمنظمات وكان يتم إرساله إلى وزارة الخارجية وأمن الدولة والأمن القومي»، لافتا إلى أن «الجانب المصري لاحظ أن الجانب الاميركي يقوم على تمويل كيانات مصرية لا ينطبق عليها مصطلح منظمة أو جمعية وغير مسجلة بموجب القانون في مخالفة للاتفاق والخطابات المتبادلة بين الطرفين». وأشار إلى أن «الجانب الاميركي شرع في تمويل منظمات أجنبية غير أميركية، وأيضاً تمويل منظمات أميركية لا يوجد لها اتفاق نمطي صادر من وزارة الخارجية المصرية على نحو يعد مخالفة صريحة للاتفاق»، لافتا إلى أن «المسؤولين المصريين كانوا يقومون بإبلاغ تلك المخالفات للإدارة الاميركية لوقفها، وأرسلت الادارة القانونية في الجانب الأميركي لمصر إخطاراً بأنها تقوم بتمويل أي كيان مصري طالما أنه مسجل قانوناً في مصر، وبين هذه الكيانات مكاتب محاماة وشركات استثمارية غير مسجلة وفقاً للقانون».