يشير الوضع الناشئ في الباراغواي [عزل الرئيس فرناندو لوغو في 22 حزيران (يونيو)] إلى التقدم الذي يحرزه في مستهل القرن الحادي والعشرين هذا الشكل الجديد من الانقلابات في أميركا اللاتينية التي يمكن تسميتها «الانقلابية الجديدة». وكان الانقلاب التقليدي يجري بتدخل عنيف من الجيش (المدعوم من بعض المكونات الاجتماعية) بمساندة أو تسامح الخارج، كواشنطن على سبيل المثال. ويرمي إلى إعادة تحديد توازن السلطة وتأسيس نظام جديد. أما «الانقلابية الجديدة»، فأقل وحشية، في الشكل، من سابقها. ويقوم بها مدنيون (بدعم ضمني أو بارتياح علني من العسكريين)، وتحافظ على ما يشبه احترام المؤسسات ولا تتورط بالضرورة قوة أجنبية وتدّعي، في البداية على الأقل، أنها ستعمل على إخراج البلاد من مأزق اجتماعي أو سياسي يمكن أن يسفر عن انهيار خطير. ويحفز على الانتباه توالي هذه الانقلابات الجديدة أخيراً: التنحية «القانونية» لجميل معوض في الإكوادور (عام 2000)، الانقلاب «عبر المؤسسات» على هوغو تشافيز في فنزويلا (2002)؛ إرغام جون برتران اريستيد على «الخروج» من هايتي (2004)؛ الاستبدال «الدستوري» لمانويل زيلايا في هندوراس (2009)، وأخيراً الانقلاب البوليسي على رفاييل كورييا (2010) [في الإكوادور]. وتندرج تنحية فرناندو لوغو لعدم الكفاءة في أداء مهمات منصبه، في دينامية انقلابات تدعي حسن النية ويزعم منفذوها انهم يريدون «إنقاذ» الديموقراطية. الانقلابات الستة هذه من الصنف الجديد، تشير إلى أوضاع وطنية محددة، بيد أنها تتشارك في نقطة. يرفع كل الانقلابيين الذرائع ذاتها لتبرير سلوكهم المناهض للديموقراطية: فراغ مقلق في السلطة، نزوع تسلطي عند الرئيس، أزمة سياسية مفتعلة، طموح رئاسي جامح، نية في «التمديد» لدى السلطة التنفيذية. وفي أكثر الحالات، يكون دور البرلمان حاسماً ويجري اللجوء إلى الدستور بحرفيته، لتجميع الشرعية اللازمة لتنحية الرئيس. وفي الباراغواي تصرفت السلطة التشريعية وفقاً للمادة 225 من الدستور: يوجه مجلس النواب الاتهام ويصدر أعضاء مجلس الشيوخ الحكم بأكثرية الثلثين. في المقابل من المحال أن يجري هذا النوع من «العمليات السياسية» [وهذه هي العبارة المستخدمة من الكونغرس في الباراغواي للتصويت في اقل من 48 ساعة على تنحية الرئيس]، من دون الحق في الدفاع ومن دون نقاش عام وعلني. وتواجه الأرجنتين ومنظمة «مركوسور» [السوق الجنوبية المشتركة] واتحاد الدول الأميركية الجنوبية ومنظمة الدول الأميركية، تحديات متشابهة. وصمت منظمة الدول الأميركية بمثابة تصريح بفشلها: وبعد إخفاق قمة الأميركيتين [15 نيسان (أبريل) في قرطاجنة في جبال الأنديز الكولومبية] وإنشاء مجموعة الدول الأميركية اللاتينية والكاريبية، بقيت منظمة الدول المكان الوحيد الذي تستطيع واشنطن فيه إسماع صوتها. والإشارة السياسية التي أرسلها اتحاد دول أميركا الجنوبية، ستكون حاسمة: فهو إما سيظل متمتعاً بفاعليته على نحو ما أظهره حيال أزمات إقليمية أخرى، أو أن تتشقق وحدته مع كل ما سيؤدي ذلك إليه. والتحدي أكبر بعد أمام «مركوسور» فللمرة الأولى في القرن الحالي، جرى الاستحواذ على القارة الجنوبية «بالانقلابية الجديدة» ما يرفع خطر وقوع ارتدادات قوية. وعلى الأرجنتين أداء دور من الطبقة الأولى في حالة الباراغواي. يتعين اللجوء إلى ديبلوماسية مركبة وبناءة لتجنب استقرار بؤس الانقلابية الجديدة إلى الأبد في أميركا الجنوبية. * صحافي، عن «لا ناسيون» الأرجنتينية، 29/6/2012، إعداد حسام عيتاني